الكاتب، فيقول له: أكتب لي. فيقول: إني مشغول، أو لي حاجة، فانطلق إلى غيري. فيلْزمه ويقول: إنك قد أمرت بالكتابة فلا يدعه ويضارُّهُ بذلك، وهو يجد غيره، وكذلك يفعل مع الشاهد، فأنزل الله تعالى:{وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ}(١).
(ودليل هذا التأويل قراءة عمر، وأُبي، وابن مسعود، ومجاهد: (ولا يضارر كاتب ولا شهيد)(٢) بإظهار التضعيف (٣) على وجه ما
(١) رواه الطبري في "جامع البيان" ٣/ ١٣٥، وذكره ابن أبي حاتم في "تفسير القرآن العظيم" ٢/ ٥٦٧، وابن حجر في "العجاب في بيان الأسباب" ١/ ٦٤٣. (٢) ما بين القوسين ساقط من (ش). و (كاتب ولا شهيد) ساقطة من (أ). (٣) قراءة عمر تقدم عزوها عند قوله تعالى: {لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ} آية: ٢٣٣. وقراءة ابن مسعود رواها عنه الطبري في "جامع البيان" ٣/ ١٣٦، وعزاها لابن مسعود النحاسُ في "إعراب القرآن" ١/ ٣٤٨، وفي "معاني القرآن" ١/ ٣٢٤، وابن خالويه في "مختصر في شواذ القرآن" (ص ٢٤). وعزاها لمجاهد: أبو حيان في "البحر المحيط" ٢/ ٣٧٠، والسمين الحلبي في "الدر المصون" ٢/ ٦٧٦ نقلًا عن أبي عمرو الداني. وقد ذكر النحاس في "إعراب القرآن" ١/ ٣٤٨ أن عمر يقرأ بكسر الراء الأولى، وابن مسعود يقرأ بفتح الراء الأولى. وقال السمين الحلبي في "الدر المصون" ٢/ ٦٧٦: وذكر الداني أيضًا عنهم -أي: عمر ومجاهد وغيرهما- أنهم قرؤوا الراء الأولى بالفتح. قلت: ولا غرو في هذا، إذ الآية محتملة للوجهين، فسروا وقرءوا بهذا المعنى تارة، وبالآخر أخرى. وقال النحاس: وهاتان القراءتان على التفسير، ولا يجوز أن تخالف التلاوة التي في المصحف. "إعراب القرآن" ١/ ٣٤٨.