يحيى بن زكريا - عليهما السلام - فسلط الله تعالى عليهم الفرس (١) والروم: خردوش (٢) وططوس حتى قتلوهم وسبوهم ونفوهم عن ديارهم وأخذوا بلادهم وأموالهم، فذلك قوله {لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ} أي: تحزن، واختلف القراء فيه، فقرأ الكسائي:(لنسوء) بالنون وفتح الهمزة على التعظيم، اعتبارًا بقوله تعالى:{وَقَضَيْنَا}(٣) و {بَعَثَنَا}(٤) و {رَدَدْنَا} و {أمددنا} و {جَعَلْنَا}(٥)، وروي ذلك عن علي (٦) رضي الله عنه، وتصديق هذِه القراءة قراءة أُبي بن كعب رضي الله عنه: لِنَسُوءنْ (وجوهكم)(٧) بالنون، وحرف التأكيد، وقد قرأ سائر قراء أهل (٨) الكوفة (غير حفص وابن عامر)(٩) بالياء على التوحيد، ولها
(١) في (أ): فارس. (٢) في (أ): جردوش، والمثبت من (ز)، وكذلك في "معالم التنزيل" للبغوي ٥/ ٨٠ خردوش وطيطوس. (٣) في قوله تعالى {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ} الآية الرابعة. (٤) في قوله تعالى {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا} الآية الخامسة. (٥) الكلمات الثلاث في قوله تعالى: {ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (٦)} [الإسراء: ٦]. (٦) قال أبو حيان: وقرأ علي بن أبي طالب وزيد بن علي - رضي الله عنهم -، والكسائي لنسوء بالنون التي للعظمة، وفيها ضمير يعود على الله، وقرأ أُبي - رضي الله عنه - لنسوءنّ بلام الأمر والنون التي للعظمة ونون التوكيد الخفيفة آخرًا، وعن علي - رضي الله عنه - أيضًا النسوءنّ، ليسوءنّ) بالنون والياء، ونون التوكيد الشديدة، وهي لام القسم. "البحر المحيط" ٦/ ١٠. وقد ذكر ابن جني قراءة أُبي بن كعب - رضي الله عنه - نحوه في "المحتسب" ٢/ ١٥. (٧) من (أ). (٨) من (أ). (٩) من (أ).