وأُخِذ ماله وأهله فيمن أُخذ، وقُتِل أمير المسلمين أبو عامر - رضي الله عنه - (١).
ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتى الطائف من فوره ذلك فحاصرهم بقية ذلك الشهر (٢)، فلما دخل ذو القعدة -وهو شهر حرام لا يحلّ فيه القتال- انصرف عنهم فأتى الجعرانة (٣) فأحرم منها بُعمرة، وقسم بها السبي والمال غنائم حنين وأوطاس، وتألّف أناسًا منهم (٤): أبو سفيان بن حرب، والحارث بن هشام، وسهيل بن عمرو، والأقرع بن حابس، فأعطاهم، وجعل يعطي الرجل منهم الخمسين والمائة من الإبل، فقالت الأنصار: أمِنَ الرجل وآثرَ قومه، ياللعجب! إن أسيافنا تقطر من دمائهم وإن غنائمنا تُرَدُّ عليهم، فبلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في قبّة (٥) من أدم (٦)، فجمعهم، فقال لهم: "يا معشر
(١) انظر أحداث سرية أوطاس في: "الطبقات الكبرى" لابن سعد ٢/ ١٥١، "تاريخ الرسل والملوك" للطبري ٣/ ٧٩، "الروض الأنف" للسهيلي ٤/ ١٢٩، "البداية والنهاية" لابن كثير ٤/ ٣٢٨. (٢) انظر قصة حصاره - صلى الله عليه وسلم - للطائف في المصادر المتقدمة، "السيرة النبوية" لابن هشام ٢/ ٤٧٨، "جوامع السيرة" لابن حزم (ص ٢٤٣)، "زاد المعاد" لابن القيم ٣/ ٤٩٥. (٣) الجِعْرانة: بكسر أوله وتسكين العين وتخفيف الراء، ماءٌ بين مكة والطائف وهي إلى مكة أقرب، وهي معروفة إلى اليوم بهذا الاسم. "معجم البلدان" لياقوت ٢/ ١٦٥. (٤) في (ت): فيهم. (٥) القُبّة: من الخيام: بيت صغير مستدير؛ وهو من بيوت العرب. "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير ٤/ ٣. (٦) الأدم: هو الجلد المدبوغ. انظر "القاموس المحيط" للفيروزآبادي ٤/ ١٠٠