الأمر لأنه يقتضي على هذا القول أن لا يكون غيره مأمورًا بالقتال، والفاء في قوله {فَقَاتِلْ} جواب عن قوله {وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}(١).
{وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ} أي: حضهم على الجهاد، ورغبهم في الثواب، وعرفهم فضل الشهادة، فلما نزلت هذه الآية حرضهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الجهاد، ورغبهم فيه، فتثاقلوا عنه ولم يخرجوا معه إلى القتال، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سبعين راكبًا (٢) حتى أتوا بدرًا، وكفاهم الله بأس العدو، ولم يوافهم (٣) أبو سفيان، ولم يكن قتال يومئذ، فانصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وذلك قوله تعالى:{عَسَى اللَّهُ} أي: لعل الله {أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا} أي: قتال المشركين وصولتهم، وعسى من الله واجب حيث كان، وقد جاء عسى في كلام العرب بمعنى: اليقين.
قال ابن مقبل:
ظني بهم كعسى، وهم بَتَنُوفَةٍ ... يتنازعون جوائزَ الأمثالِ (٤)
(١) "معاني القرآن" للزجاج ٢/ ٨٤، واستظهر السمين الحلبي في "الدر المصون" ٤/ ٥٤: أن الفاء عاطفة هذه الجملة على قوله: {فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ}. (٢) المشهور: أنهم خرجوا في ألف وخمسمائة رجل. (٣) في (ت): يوافقهم. (٤) البيت ذكره لابن منظور في "لسان العرب" (عسى) من إنشاد أبي عبيدة عنه.