ثم أكبّ عليه فقبله ثم قال: بأبي أنت وأمي، أما الموتة التي كتبها الله عليك فقد ذقتها، ثم لم تصبك بعدها موتة أبدًا، ثم رد الثوب على وجهه، وخرج -وعمر رضي الله عنه يكلم الناس- فقال: على رسلك (١) يا عمر، فأنصت (٢)، قال: فأبى إلاّ أن يتكلّم، فلمّا رآه أبو بكر رضي الله عنه لا ينصت أقبل على الناس، فلما سمع الناس كلامه أقبلوا عليه وتركوا عمر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس: من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، ثم تلا هذِه الآية:{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} إلى آخر الآية.
قال: فوالله كأن الناس لم يعلموا أن هذِه الآية نزلت على رسول الله حتى تلاها أبو بكر الصديق رضي الله عنه يومئذ.
قال (٣): وأخذها الناس عن أبي بكر رضي الله عنه، فإنما هي في أفواههم.
قال أبو هريرة: قال عمر: والله ما (هو إلاّ أن)(٤) سمعت أبا بكر
(١) على رسلك: هينتك. انظر: "المحيط في اللغة" لإسماعيل بن عباد ٨/ ٣٠٣، "أساس البلاغة" للزمخشري ١/ ٢٣١ (رسل). (٢) الزيادة من (س)، (ن). (٣) الزيادة من (س)، (ن). (٤) مطموس في الأصل، والمثبت من (س)، (ن).