واستخلف يوشع بن نون، فلما مضى القرن الأول والثاني والثالث، وقعت الفرقة بينهم، وهم الذين أوتوا الكتاب، من أبناء أولئك السبعين، حتى أهرقوا (١)(٢) الدماء، ووقع الشر والاختلاف، وذلك، {مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ} يعني: بيان ما في التوراة (٣).
{بَغْيًا بَيْنَهُمْ} أي: طلبًا للملك والرياسة والتحاسد والمنافسة، فسلط الله عليهم الجبابرة.
وقال بعضهم: أراد: وما اختلف الذين أوتوا الكتاب -في نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - إلا من بعد ما جاءهم العلم يعني: بيان صفته ونعته، في كتبهم (٤).
وقال محمد بن جعفر بن الزبير: نزلت هذِه الآية في نصارى نجران، ومعناها:{وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} يعني: الإنجيل، في أمر عيسى -عليه السلام-، وفرَّقوا القول فيه، إلا من بعد ما
(١) في الأصل: هرقوا. والمثبت من (س)، (ن). (٢) الهاء فى: هراق: بدل من همزة: أراق. يقال: أراق الماء يريقه، وهراقه يُهريقه هَراقة -أي: صبه وسكبه. انظر: "لسان العرب" ١٥/ ٧٨ (هرق)، "المصباح المنير" للفيوميّ ١/ ٢٦٦. (٣) أخرج الطبري في "جامع البيان" ٣/ ٢١٣، عن الربيع نحوه. وانظر: "الدر المنثور" للسيوطي ٢/ ٢٢، "النكت والعيون" للماوردي ١/ ٣٨٠، "البحر المحيط" لأبي حيان ٢/ ٤١٠. (٤) في "اللباب" لابن عادل الدمشقي ٥/ ١٠٧: عن الكلبي، ومن غير نسبة في "البحر المحيط" لأبي حيان ٢/ ٤١١.