اليهود تقول: والله ما درى محمَّد وأصحابه أين قبلتهم حتى هديناهم (١). قالوا جميعًا: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لجبريل عليه السلام:"وددت أن الله تعالى صرفني عن (٢) قبلة اليهود إلى غيرها، فإني أبغضهم وأبغض موافقتهم" فقال جبريل: إنما أنا عبد مثلك ليس لِي من الأمر شيء، فاسأل (٣) ربك، فعرج جبريل عليه السلام وجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو (٤) ويديم النظر إلى السماء رجاء أن ينزل عليه (٥) جبريل بما يحب من أمر القبلة، فأنزل الله عز وجل:{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ}(٦) أي تَحَوُّلَ وتَصَرُّفَ وجهك يا محمَّد: {فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ} أي: فَلَنُحَوّلنَّكَ ولنصرفنك {قِبْلَةً} إلى قبلة {تَرْضَاهَا} أي تُحِبُّها وتهواهَا.
(١) تقدَّم أوله قريبًا عن ابن زيد. (٢) في (ج)، (ش): من. (٣) في النسخ الأخرى: غسل. (٤) زيادة من (ش). (٥) من (ج). (٦) ذكره بهذا اللفظ مقاتل بن سليمان في "تفسيره" ١/ ٧٢، والواحدي في "أسباب النزول" (ص ٤٦)، وفي "الوسيط" ١/ ٢٢٩، والجوي في "معالم التنزيل" ١/ ١٦١، والخازن في "لباب التأويل" ١/ ١٢٠، وابن حجر في "العجاب في بيان الأسباب" ١/ ٣٩٥، وذكره السيوطي في "الدر المنثور" ١/ ٢٧٠ عن أبي العالية، ونسبه إلى أبي داود في "الناسخ والمنسوخ". وأخرج بعضه الطبري في "جامع البيان" ٢/ ٢٠، والنحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص ١٥) من طريق على بن طلحة عن ابن عباس.