الرائحة -وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكره ويشق عليه أن يوجد منه ريح منتنة؛ لأنه يأتيه الملك- قال: فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على سودة - رضي الله عنها - قالت: فما أردت أن أقول ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم إني فرقت (١) من عائشة، فقلت: يا رسول الله، ما هذِه الريح التي أجدها منك؟ أكلت المغافير؟ قال:"لا, ولكن حفصة سقتني عسلًا". ثم دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على امرأة امرأة، وهن يقلن له ذلك. ثم دخل على عائشة - رضي الله عنها - فأخذت بأنفها، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما شأنك؟ " قالت: أجد ريح المغافير، أأكلتها يا رسول الله، قال:"لا، بل سقتني حفصة عسلًا". قالت: جرستْ (٢) إذَا نحله العرفط. فقال لها - صلى الله عليه وسلم -: "والله لا أطعمه أبدًا"، فحرّمه على نفسه (٣).
(١) الفرق بالتحريك: الخوف والفزع. يقال: فرق يفرق فرقًا. "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير ٣/ ٤٣٨ (فرق). (٢) جرست نحله العرفط: أي رعت نحل هذا العسل الذي شربته يقال: جرست النحل تجرس جرسًا إذا أكلت، ويقال للنحل: الجوارس، والعرفط شجر كما سبق. "الصحاح" للجوهري ٢/ ٩٠٨، "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير ١/ ٢٦٠، "أساس البلاغة" للزمخشري (ص ٨٩). (٣) الخبر صحيح من طريق هشام بن عروة بن الزبير، عن أبيه، عن عائشة - رضي الله عنها -. وأصل القصة يرويها عن عائشة اثنان: ١ - عروة وهذِه هي روايته وفيه أن الساقية للعسل هي حفصة بنت عمر - رضي الله عنها -. ٢ - عبيد بن عمير. وسيذكرها المصنف بإسناده قريبًا. وفيه أن الساقية للعسل هي زينب بنت جحش - رضي الله عنها -. وسيأتي تخريج الطريقين مستوفيًا قريبًا، ووجه الجمع بين ما في هذين الخبرين إن شاء الله تعالى.