فقال بعضهم: معناها وما أدري ما يفعل بي ولا بكم يوم القيامة (١)، فلمّا نزلت هذِه الآية فرح المشركون فرحًا شديدًا، وقالوا: واللات والعُزى ما أمرنا وأمر محمّد - صلى الله عليه وسلم - عند الله إلاّ واحد، وما له علينا من مزية وفضل، ولولا أنّه أبتدع ما يقوله من ذات (٢) نفسه، لأخبره الذي بعثه بما يفعل به، فأنزل الله تعالى {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ}(٣)، فبيّن له أمره، ونسخت هذِه الآية (٤)، فقالت الصحابة - رضي الله عنه -: هنيئًا لك يا رسول الله، قد علمنا ما يفعل بك، فماذا يفعل بنا؟ فأنزل الله تعالى:{لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ}(٥) الآية، {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا (٤٧)} (٦) فبيّن الله تعالى ما يفعل به
(١) انظر: "تفسير الطبري" ٢٦/ ٦، "معالم التنزيل" للبغوي ٧/ ٢٥٢، "المحرر الوجيز" لابن عطية ١٣/ ٣٣٦، "زاد المسير" لابن الجوزي ٧/ ٣٧٢. (٢) في (م): (تلقاء). (٣) الفتح: ٢. (٤) رجح كثير من المفسرين أن الآية محكمة ولا نسخ فيها، منهم: النحاس في "الناسخ والمنسوخ" ٢/ ٦٢٨، ومكي القيسي في "الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه" (ص ٤١١)، القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" ١٦/ ١٨٥، لأسباب منها: أن الآية خبر، والخبر لا ينسخ، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلم أن من مات على الكفر فهو في النار، وأن من مات على الإيمان فهو في الجنة. (٥) الفتح: ٥. (٦) الأحزاب: ٤٧.