أرض العرب والعجم فغلبت فارس الروم فبلغ ذلك (١) النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وهم بمكة فشق (٢) عليهم ذلك، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يكره أن يظهر الأميون من المجوس على أهل الكتاب من الروم، وفرح كفار مكة وشمتوا، فلقوا أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: إنكم أهل كتابٍ والنصارى أهل كتابٍ ونحن أُمِّيون وقد ظهر إخوانُنا من أهل فارس على إخوانكم من أهل الروم وإنكم لئن قاتلتمونا لنظهرن عليكم، فأنزل الله -عز وجل- {الم (١) غُلِبَتِ الرُّومُ (٢) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ} إلى آخر الآيات.
فخرج أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - إلى الكفار، فقال: فرحتم بظهور إخوانكم على إخواننا؟ فلا تفرحوا ولا يُقِرَّنَّ الله أعينكم فوالله ليظهرن الروم على فارس، أخبرنا بذلك نبيُّنا.
فقام إليه أُبيُّ بن خلفٍ الجمحي وقال: كذبت يا أبا فُضيل (٣)، فقال له أبو بكر - رضي الله عنه -: أنتَ أكذبُ يا عدو الله فقال: اجعل بيننا أجلًا أُناحبك عليه.
(١) ساقطة من (س). (٢) في (ح) بزيادة: ذلك. (٣) كذا ذكرها الطبري في "جامع البيان" ١٨/ ٢١ بالضاد المعجمة، والصواب: فصيل، وذلك أنهم كانوا يُعرضون بكنيته بالبكر. والفصيل: هو ولد الناقة إذا فصل عن أمه، والبكر: الفتي القوي من الإبل، فهم بهذا يسخرون من أبي بكر - رضي الله عنه -. "المعجم الوسيط" الفصيل، ١/ ٦٩١، والبكر: ١/ ٦٧، وانظر: "المحرر الوجيز" لابن عطية ٤/ ٣٢٨.