وروى حصين عن أبي رزين قال: لو كان (١) مفتاح واحد لأهل الكوفة كان كافيًا إنما يعني: كنوز (٢).
فإن قيل فما وجه قوله تعالى:{مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ} وإنما العصبة هي التي تنوء بها؟
قيل فيه قولان: أحدهما: تميل بهم ويثقلهم حملها (٣)(٤)، والآخر قال أهل البصرة (٥): قد تفعل العرب هذا يقولون للمرأة إنها لتنوء بها عجيزتُها وإنما هي تَنُوءُ بعجيزتِها كما يَنوءُ البعيرُ بحِمْلِه.
(١) (لو كان): ساقطة من (س)، وجاء مكانه: له. (٢) التخريج: ذكره الزمخشري في "الكشاف" ٣/ ١٩٠ عن أبي رزين بلفظ: يكفي الكوفة مفتاح، ولم أقف عليه مسندًا، والمراد من هذِه الأقوال كثرة الكنوز حتى إن مفاتيحه كان يَثْقُلُ حملها على العصبة من الرجال الشداد، والله أعلم. انظر: "البداية والنهاية" لابن كثير ١/ ٣١٠. (٣) في (س): عملها. (٤) قاله الفراء، انظر: "معاني القرآن" ٢/ ٣١٠، ونقله عنه الطبري في "جامع البيان" ٢٠/ ٣١٨ ورجحه، وقال الفراء: نوؤها بالعصبة أن تُثْقِلهم: أي: تُميلهم من ثقلها، فإذا أُدخلت الباء، قلت: تنُوءُ بهم وتُنيئُ بهم، كما قال: {آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا} والمعنى: ائتوني بقطرٍ أُفْرغُ عليه، فإذا حذفتَ الباء زدت في الفعل ألفًا في أوله، ومثله: {فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ} معناه فجاء بها المخاض ... الخ. (٥) وقولهم هو: إن العصبة تنوء بالمفاتيح المثقلة لها، لكنه قلب كما تفعل العرب كثيرًا، ومجازه: ما إن العصبة ذوي القوة لتنوء بمفاتح نعمه، والقول لأبي عبيدة. انظر: "مجاز القرآن" ٢/ ١١٠، "المحرر الوجيز" لابن عطية ٤/ ٣٣٢.