وقال هارون بن معروف قدمَ علينا بعضُ الشيوخ من الشام، فكنت أوَّلَ من بَكَّرَ عليه، فسألته أن يُمْلِي عليَّ شيئًا، فأخذ الكتابَ يُمْلِي، فإذا بإنسانٍ يدُقُّ الباب، فقال الشيخ: من هذا؟ قال: أحمد بن حنبل، فأذن له والشيخُ على حالته، والكتابُ في يده لا يتحرَّكُ، فإذا بآخر - فَذَكَرَ أَحمدَ بن الدَّوْرَقِي، وعبد الله بن الرُّومي، وزُهَير بن حرب بن حرب - كلُّهم يَدْخُل والشيخُ على حالته، فإذا بآخَر يَدُقُّ الباب، فقال الشيخ: مَنْ هذا؟ قال: يحيى بن معين، فرأيتُ الشيخَ ارتَعَدَتْ يَدُه، ثم سَقَط الكتابُ من يده (١).
وقال جعفر الطَّيَالسي، عن يحيى بن معين: قدم علينا عبدُ الوهاب بن عطاء، فكتب إلى أهل البصرة:"وقدمْتُ بغدادَ، وقَبلَني يحيى بن معين، والحمدُ لله"(٢).
وقال ابن أبي الحَوَارِي: ما رأيتُ أبا مُسْهِرٍ يُسَهِّل لأحدٍ من الناس سهولتَهُ ليحيى بن معين ولقد قال له يومًا: هل بقي معك شيءٌ؟ (٣).
وقال عبد الخالق بن منصور: قلتُ لابن الرُّومي (٤): سمعتُ أبا سعيد الحَدَّاد يقول: لولا ابن معين ما كتبتُ، الحديث، قال: وإِنَّا لَنَذْهَبُ إلى
= وقال الذّهبيّ: "هذه حكاية تُسْتَنْكَر". ووجه النكارة فيها أن ابن معين تكلم على مئاتٍ من الرواة منهم الضعفاء الذين لم ينحطوا إلى درجة الكذب والتهمة به. والله أعلم. (١) "الكامل" (١/ ٢١٦)، "تاريخ بغداد" (١٦/ ٢٦٨ - ٢٦٩) (٧٤٣٦)، "تاريخ دمشق" (٦٥/ ٢١ - ٢٢) (٨٢١٤) (٢) "تاريخ بغداد" (١٦/ ٢٦٩) (٧٤٣٦)، "تاريخ دمشق" (٦٥/ ٢٢) (٨٢١٤). (٣) "الجرح والتعديل" (١/ ٣١٤) و (٩/ ١٩٢) (٨٠٠). (٤) هو عبد الله بن محمّد أبو محمّد اليمامي، يعرف بابن الرومي سكن بغداد، قال أبو حاتم: هو صدوق، وقال عبد الخالق بن منصور: سئل يحيى بن معين - وأنا أسمع - عن ابن الرومي، فقال: مثل أبي محمّد لا يسأل عنه إنه مَرْضِي، توفي سنة ست وثلاثين ومائتين. ينظر: "تاريخ بغداد" (١١/ ٢٦٧) (٥١٣٩).