ما صحّ، ولا يُحدّث إلَّا عن ثقةٍ، مع الفقه والدِّين والفضل والنُّسُك، وبه تخرَّج الشافعي (١).
وروى ابن خزيمة في "صحيحه" عن ابن عيينة قال: إنما كنا نتبع آثار مالك وننظر إلى الشيخ إن كتب عنه وإلَّا تركناه، وما مثلي ومثل مالك إلا كما قال الشاعر:
وابن اللَّبُون إذا ما لُزّ (٢) في قَرَنٍ … لم يستطع صَوْلَة البُزل (٣) القَنَاعيس (٤)
وقال أبو جعفر الطبري: كان ثقةً صدوقًا عالمًا مُقدّمًا في بلده، حدّثنا عبد الله بن أحمد، سمعت عمرًا - يعني ابن علي - سمعت ابن مهدي يقول: ما رأيتُ رجلًا أعقل من مالك (٥).
ومناقبه كثيرة جدًّا لا يحتمل هذا المختصر استيعابها، وقد أُفردت بالتصنيف (٦).
(١) "الثقات": (٧/ ٤٥٩). (٢) "لُزَّ" مأخوذ من اللِّزَاز، بالكسر؛ وهو المقارنة والملاصقة، يُقال للبَعِيرَيْنِ إِذا قُرنا في قرن واحد: قد لُزَّا، وكذلك وظيفَا البعير يُلزّان في القيد. انظر "تاج العروس": (١٥/ ٣١٥). (٣) "البُزل" مأخوذ من قولهم بَزَل ناب البعير بَزْلًا وبُزولًا: فَطَر، فيقال: ناقة بازل وبزول للذكر والأنثى، ويقال البازل: للرجل الكامل في تجربته وعقله، إذا احتنك تشبيهًا بالبعير البازل. انظر "تاج العروس" (٢٨/ ٧٨). (٤) انظر "الصحيح": (١/ ٤٢) عقب الحديث رقم: ٧٥، والبيت الشعري أورده الأصمعي في "فحولة الشعراء" (ص: ٩) منسوبًا لجرير. و "القناعيس" جمع القِنْعَاس وهو من الإبل: العظيم الضخم، ويقال ناقة قِنعاس: طويلة عظيمة سَنِمة، وكذلك الجمل، وهو من صفات الذكور عند أبي عبيد، والقِنعاس: الرجل الشديد المنيع. انظر "تاج العروس": (١٦/ ٤٠٦). فكأن ابن عيينة يقول: نحن ملتصقين بالإمام مالك لكونه ذا علم وتجربة بخلافنا نحن الصغار. (٥) انظر "إكمال تهذيب الكمال": (١١/ ٣٢). (٦) من التصانيف المفردة في مناقب الإمام مالك: "مناقب الإمام مالك" لعيسى بن مسعود =