وكنتُ أنا (١) أولاً أمتنع أن أكفِّرَهُم حتى قال ابن المديني ما قال، فلمَّا أجاب إلى المحنة كتبتُ إليه كتابًا أُذَكِّره الله، وأُذكِّره ما قال لي في تكفيرهم، قال: فقيل لي: إنِّه بكى حين قرأ كتابي، ثم رأيتُه بَعْدُ، فقلتُ له، فقال: ما في قلبي شيءٌ ممَّا أجبتُ إليه، ولكنِّي خِفْتُ أنْ أقْتَلَ، قال: وتَعْلَمُ ضَعْفِي، إنِّي لو ضُرِبْتُ سَوطًا واحدًا لَمُتُّ، أو قال شيئًا نحو هذا (٢).
قال ابن عمَّار: ودَفَعَ عنِّي ابنُ المديني وعن غيرِ واحدٍ (مِن أهلي)(٣) المحْنَةَ، شَفع إلى ابن أبي دُؤَاد (٤). قال ابن عمَّار: ما أجابَ إلى ما أجاب ديانةً إِلا خَوفًا (٥).
وقال أبو يوسف القُلُوسي: قلتُ لعليّ بن المديني مِثلك في عِلْمِكَ تُجيب إلى ما أجبتَ إليه، فقال لي: يا أبا يوسف ما أهونَ عليك السَّيْفَ (٦).
وعن عليّ بن الحسين بن الوليد، قال: لمَّا وَدَّعْتُ علي بن المديني قال لي: بلِّغ قومك عنِّي أنَّ الجَهْمِيَّة كُفَّارٌ ولم أجدْ بُدًّا مِن مُتابعتِهم؛ لأنِّي حُبِسْتُ في بيتٍ مُظلم (٧)، وفي رِجْلي قَيْدٌ (٨) حتى خِفْتُ على بصري، فإنْ قالوا:
(١) هكذا في الأصل و (م). وجاء في حاشية (م): (في خط ابن المهندس: وكنتُ آبا، هكذا مضبوطًا، وذكر ما بعده سواء). (٢) المصدر السابق (١٣/ ٤٣٨). (٣) في تاريخ بغداد: "من أهل الموصل من أجلي"، وفي "تهذيب الكمال" (٢١/ ٣٠): "من أهل الموصل من أهلي". (٤) المصدر السابق (١٣/ ٤٣٨). (٥) المصدر السابق (١٣/ ٤٣٨). (٦) "الكامل" (١/ ١٢١). (٧) تحت السطر الأخير من اللوحة في (م): (ثمانية أشهر). (٨) أعلى اللوحة في (م): (ثمانية أمناء)، وأمناء جمع مَنَا: وقَدْرُه رطلان "الصحاح" للجوهري (٦/ ٢٢٠٧).