وقال ابن سعد عن سعيد بن عبد الرحمن بن حسان: عاش حرام عشرين ومائة سنة، وعاش ابنه المنذر كذلك، وعاش ابنه ثابت بن المنذر كذلك، وعاش ابنه حسان كذلك، قال: وكان عبد الرحمن إذا ذكر هذا استلقى على فراشه وضحك وتمدد، فمات وهو ابن ثمان وأربعين سنة (١).
وقال ابن إسحاق: حدثني صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة: حدثني من شئت من رجال قومي عن حسان بن ثابت قال: إني والله لغلام يفعة ابن سبع سنين أو ثمان سنين أعقل كل ما سمعت؛ إذ سمعت يهوديًا يصرخ على أطم يثرب: يا معشر يهود، إذ اجتمعوا إليه، قالوا: ويلك! مالك؟ قال: طلع نجم أحمد الذي يبعث الليلة (٢).
وقال لوين في جزئه المشهور: حدثنا حديج، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، قال قيل لابن عباس: قدم حسان اللعين. قال: فقال ابن عباس: ما هو بلعين، قد جاهد مع رسول الله ﷺ بنفسه ولسانه (٣).
(١) انظر: "الطبقات الصغرى" لابن سعد (١/ ٩٠). (٢) "سيرة ابن إسحاق" (ص ٨٤). (٣) جزء لوين (ص ٥٢) برقم (٢٧)، ويدل هذا على بطلان ما تقدم من قول ابن سعد تبعًا للواقدي ووصفه لحسان بن ثابت ﵁ بالجبن، ومما يدل على بطلان هذا القول أيضًا: ١ - هاجر النبي ﷺ إلى المدينة وحسان بن ثابت ابن ستين سنة "سير أعلام النبلاء" (٢/ ٥١٣)، فلم يكن شابًّا يافعًا قادرًا على خوض المعارك بطبيعة الحال، ولذا نجد أن النبي ﷺ كان يستعمله في الحرب الإعلامية على أعداء الله، وكان ﷺ يقول لحسان: "اهجهم وروح القدس معك". متفق عليه. ٢ - لم يترك حسان بن ثابت شاعر رسول الله ﷺ مناسبة من سلم أو حرب إلا وأنشد فيها الشعر مدحا في رسول الله ﷺ وقدحًا في أعداء الله، ولو كان جبانًا لخاف وجبن حتى عن الشعر مخافة أن يقتله المشركون. =