وعن ربيعة بن أبي عبد الرّحمن أنّ عمرو بن العاص فتح مصر بغير عهد ولا عقد، وأنّ عمر ابن الخطّاب ﵁ حبس درّها وضرعها أن يخرج منه شيء، نظرا للإسلام وأهله.
وعن زيد بن أسلم قال: كان تابوت لعمر بن الخطّاب فيه كلّ عهد كان بينه وبين أحد ممن عاهده، فلم يوجد فيه لأهل مصر عهد فمن أسلم منهم فأمّة (a)، ومن أقام منهم فذمّة.
وكتب حيّان بن شريح إلى عمر بن عبد العزيز يسأله أن يجعل جزية موتى القبط على أحيائهم. فسأل عمر عراك بن مالك، فقال عراك: ما سمعت لهم بعهد ولا عقد، وإنّما أخذوا عنوة بمنزلة العبيد. فكتب عمر إلى حيّان أن يجعل جزية موتى القبط على أحيائهم (١).
وقال يحيى بن عبد اللّه بن بكير: خرج أبو سلمة بن عبد الرّحمن يريد الإسكندرية في سفينة، فاحتاج إلى رجل يجذّف، فتسخّر (b) رجلا من القبط، فكلّم في ذلك، فقال: إنّما هم بمنزلة العبيد إن احتجنا إليهم.
وقال ابن لهيعة عن الصّلت بن أبي عاصم: إنّه قرأ كتاب عمر بن عبد العزيز إلى حيّان بن شريح أنّ مصر فتحت عنوة بغير عهد ولا عقد.
وعن عبيد اللّه بن أبي جعفر أنّ كاتب حيّان حدّثه أنّه احتيج إلى خشب لصناعة الجزيرة، فكتب حيّان إلى عمر بن عبد العزيز يذكر ذلك له، وأنّه وجد خشبا عند بعض أهل الذّمّة، وأنّه كره أن يأخذ (c) منهم حتى يعلمه. فكتب إليه عمر: خذها منهم بقيمة عدل، فإنّي لم أجد لأهل مصر عهدا أفي لهم به.
وقال عمر بن عبد العزيز لسالم: أنت تقول ليس لأهل مصر عهد؟ قال: نعم.
وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جدّه أنّ عمرو بن العاص كتب إلى عمر بن الخطّاب في رهبان يترهّبون بمصر، فيموت أحدهم وليس له وارث. فكتب إليه عمر:«إنّ من كان منهم له عقب فادفع ميراثه إلى عقبه، فإن لم يكن له عقب فاجعل ماله في بيت مال المسلمين، فإنّ ولاءه للمسلمين».
(a) بولاق: أقامه. (b) بولاق: فسخر. (c) بولاق: يأخذها. (١) ابن عبد الحكم: فتوح مصر ٨٩.