وقال ابن عبد الظّاهر: وهذه القنطرة ليس لها أثر في هذا الزّمان. قلت: موضعها الآن خلف خطّ السّبع سقايات، وهذه القنطرة هي التي كانت تفتح عند وفاء النّيل في زمن الخلفاء. فلمّا انحسر النّيل عن ساحل مصر اليوم، أهملت هذه القنطرة، وعملت قنطرة السّدّ عند فم بحر النّيل. فإنّ النّيل كان قد ربّى الجرف حيث غيط الجرف الذي على يمنة من سلك من المراغة إلى باب مصر بجوار الكبارة (١).
قنطرة السّدّ (٢)
هذه القنطرة موضعها ممّا كان غامرا بماء النّيل قديما، وهي الآن يتوصّل من فوقها إلى منشأة المهراني وغيرها من برّ الخليج الغربي. وكان النّيل عند إنشائها يصل إلى الكوم الأحمر، الذي هو جانب الخليج الغربي الآن، تجاه خطّ بين الزّقاقين. فإنّ النّيل كان قد ربّى جرفا قدّام السّاحل القديم، كما ذكر في موضعه من هذا الكتاب، فأهملت القنطرة الأولى لبعد النّيل، وقدّمت هذه القنطرة إلى حيث كان النّيل ينتهي، وصار يتوصّل منها إلى بستان الخشّاب الذي موضعه اليوم يعرف بالمريس وما حوله. وكان الذي أنشأها الملك الصّالح نجم الدّين أيّوب ابن الملك الكامل محمد بن العادل أبي بكر بن أيّوب في أعوام بضع وأربعين وستّ مائة، ولها قوسان.
(١) يدلّ على موضع هذه القنطرة الآن النقطة الواقعة بشارع الخليج المصري تجاه مدخل حارة حكر آقبغا بأرض جنينة لاظ خلف مبنى دار الهلال، الذي يمثل الجزء الشمالي من الحمراء القصوى، وكان يقابله على الشاطئ الأيسر للخليج أرض جنان الزّهري حيث حيّ النّاصرية الآن. (استدراكات محمد رمزي على النجوم الزاهرة ٣٨٧: ٧ - ٣٨٨). (٢) قنطرة السّدّ. أنشأها السّلطان الملك الصّالح نجم الدّين أيّوب سنة ٦٣٨ هـ/ ١٢٤٠ م على الخليج الكبير المجاور لبستان الخشّاب خارج مدينة مصر. (المقريزي: السلوك ٣٠٥: ١). وكان بستان الخشّاب يقع في المنطقة التي تحدّ الآن من الشمال بشوارع المبتديان ومضرب النشّاب والبرجاس والجزء الغربي من شارع جمال الدّين أبو المحاسن (إسماعيل باشا سابقا) إلى النيل؛ ومن الغرب نهر النّيل، ومن الجنوب مستشفى القصر العيني وشارع بستان الفاضل وما في امتداده من جهة الشرق إلى شارع بورسعيد وشارع سعد الدّين، إلى أن يتقابل مع الحدّ البحري خلف مبنى مؤسسة دار الهلال الآن. (أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ٣٨٨: ٧ تعليقات محمد بك رمزي). وعلى ذلك فإنّ قنطرة السّدّ كانت تقع في شارع بورسعيد تجاه النقطة التي يتلاقى فيها هذا الشارع بشارع مدرسة الطب. يقول محمد رمزي: «وكانت هذه القنطرة موجودة ومعروفة كما شاهدتها باسم قنطرة الماوردي إلى منتصف سنة ١٨٩٩ م التي تمّ فيها ردم هذا الخليج، وبردمه اختفت هذه القنطرة». (استدراكات محمد بك رمزي على النجوم الزاهرة ٣٨١: ٦).