للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن محمد الواسطيّ. وجلس النّاس لرؤيته، فسأل بعضهم غلام أبي قبيل صاحب الملاحم - وكان مكفوفا - عمّا يجده في كتبهم. فقال: هذا رجل نجد صفته كذا وكذا، وأنّه يتقلّد الملك هو وولده قريبا من أربعين سنة. فما تمّ كلامه حتى أقبل أحمد بن طولون، وإذا هو على النّعت الذي قال.

[الدّولة الطولونيّة] (١)

ولمّا تسلّم أحمد بن طولون مصر، كان على الخراج أحمد بن محمد بن المدبّر - وهو من دهاة النّاس وشياطين الكتّاب - فأهدى إلى أحمد بن طولون هدايا قيمتها عشرة آلاف دينار، بعد ما خرج إلى لقائه هو وشقير الخادم، غلام قبيحة (a) أمّ المعتزّ، وهو يتقلّد البريد. فرأى ابن طولون بين يدي ابن المدبّر مائة غلام من الغور، قد انتخبهم وصيّرهم عدّة وجمالا، وكان لهم خلق حسن وطول أجسام وبأس شديد، وعليهم أقبية ومناطق ثقال عراض، وبأيديهم مقارع غلاظ على طرف كلّ مقرعة مقمعة من فضّة، وكانوا يقفون بين يديه في حافتي مجلسه إذا جلس، فإذا ركب ركبوا بين يديه، فيصير له بهم هيبة عظيمة في صدور النّاس.

فلمّا بعث ابن المدبّر بهديّته إلى ابن طولون ردّها عليه، فقال ابن المدبّر: إنّ هذه لهمّة عظيمة، من كانت هذه همّته لا يؤمن على طرف من الأطراف. فخافه وكره مقامه بمصر معه، وسار إلى شقير الخادم صاحب البريد، واتّفقا على مكاتبة الخليفة بإزالة ابن طولون.


(a) بولاق: فتيحة.
(١) عن تاريخ الدولة الطولونية، وهي أوّل الدول المستقلّة في مصر الإسلامية، راجع، إضافة إلى كتابي «سيرة أحمد ابن طولون» للبلوي و «المغرب في حلى المغرب» (قسم مصر) لابن سعيد المغربي، ابن ظافر الأزدي: أخبار الدول المنقطعة، نشرة علي محمد عمر، ٦٥ - ٧٢؛ النويري: نهاية الأرب ١١: ٢٨ - ٣٦؛ ابن أيبك الدواداري: كنز الدرر وجامع الغرر ٢٦٨: ٥ - ٢٧٢، ٣١٨ - ٣٢١؛ أبا المحاسن: النجوم الزاهرة ١: ٣ - ١٤٣؛ Hassan، Z.M.، Les Tulunides E? tude de l'E? gypte musulmane a? la fin du IXo?
sie? cle ٨٦٨ - ٩٠٥، Paris ١٩٣٣; Grabar، O.، The Coinage of the Tulunids، New York ١٩٥٧؛ سيدة إسماعيل كاشف وحسن أحمد محمود: مصر في عصر الطولونيين والإخشيديين، القاهرة ١٩٦٠؛ حسن أحمد محمود: حضارة مصر الإسلامية في العصر الطولوني، القاهرة د. ت؛ Gordon، M.S.، El ٢ art.Tulunides X، pp. ٦٦٢ - ٦٥; Bianquis، Th.، «Autonomous Egypt from Ibn Tu? lu? n to K?fu? r ٨٦٨ - ٩٦٩»، The Cambridge History of Egypt، pp. ٨٦ - ١١٩، وانظر فيما يلي ٩٦.