السّلطان. فقال له ابن جماعة: يا أمير إن كنت تبحث معنا في هذه المسألة بحثنا معك، وإن كان أحد قد ذكرها لك فليحضر حتى نباحثه (a) فيها، فإنّ الذي ذكر لك هذه المسألة إنّما قصد أن تصادر النّاس وتأخذ أموالهم، فوافقه رفقته الثّلاث قضاة على قوله. وأراد ابن جماعة بقوله هذا التّعريض بالشّريفين -/ وكان اختصاصهما بالأمير صرغتمش وقيامهما على ابن زنبور مشهورا - فشقّ هذا على الأمير صرغتمش، وانفضّ المجلس وقد اشتدّ حنقه لما ردّ عليه من كلامه، وعورض فيه من مراده.
فبعثت خوند أمّ السّلطان إلى ابن جماعة تعرّفه ما وعدت به من مصير السّبع قاعات إليها، وأكّدت عليه في ألاّ يعارضها في حلّ أوقاف ابن زنبور. فأجابها بتقبيح هذا، وخوّفها سوء عاقبته، فكفّت عنه.
ولقوّة غيظ الأمير صرغتمش مرض مرضا شديدا من انفتاح صدره، ونفثه الدّم حتى خيف عليه الموت، ثم عوفي بعد ذلك بأيام، وذلك كلّه في سنة أربع وخمسين وسبع مائة.
واستمرّت السّبع قاعات وقفا بيد ذرّية ابن زنبور إلى يومنا (b)، إلاّ أنّ الأمير صرغتمش المذكور أخذ رخامها، ووجد فيها شيئا كثيرا من صيني ونحاس وقماش وغير ذلك قد أخفي في زواياها.
علم الدّين عبد اللّه بن تاج الدّين أحمد بن إبراهيم المعروف بابن زنبور (١)، أوّل ما باشر استيفاء الوجه القبلي شريكا لوهبة بن شجرة (c)، وطلع صحبته الأمير علم الدّين عبد الرّزّاق كاشف الوجه القبلي (٢) ونهض فيه. فلمّا كانت مصادرة ابن الجيعان كاتب الإسطبل، طلب السّلطان سائر الكتّاب - وكان منهم ابن زنبور - فعرضهم ليختار منهم، فشكر الفخر ناظر الجيش فيه (d)، وقال:
هو ولد تاج الدّين رفيقه، وشكره الأكوز.
(a) بولاق: نبحث معه. (b) بولاق: يومنا هذا. (c) بولاق: لوهب بن سنجر. (d) بولاق: منه. (١) الوزير الصّاحب علم الدّين عبد اللّه بن أحمد بن إبراهيم بن تاج الدّين المعروف بابن زنبور القبطي المصري، المتوفى سنة ٧٥٥ هـ/ ١٣٥٤ م. قال الصّفدي: «جمع له من الوظائف الجليلة ما لم يجمع لغيره»، فقد كان وزيرا بالدّيار المصرية، ومتولّيا لنظر الجيش ونظر الخاص، ولم تجتمع هذه الوظائف الثلاث معا لأحد قبله. (الصفدي: أعيان العصر ٦٥٢: ٢ - ٦٥٥، الوافي بالوفيات ٦٢: ١٧ - ٦٣؛ ابن حبيب: تذكرة النبيه ١٧٩: ٣؛ المقريزي: المقفى الكبير ٤٢٦: ٤ - ٤٣٣، السلوك ٨٧٧: ٢؛ ابن حجر: الدرر الكامنة ٣٤٥: ٢؛ أبو المحاسن: المنهل الصافي ٦٩: ٧ - ٧١، النجوم الزاهرة ٢٩٩: ١٠). (٢) كاشف ج كشّاف، وهو من أمراء الطّبلخاناه، -