للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الطويل]

ولمّا تلاقينا وغاب رقيبنا … ورمت التّشكّي في خلوّ وفي سرّ

بدا ضوء بدر فافترقنا لضوئه … فيا من رأى بدرا ينمّ على بدر

وأهل المطالب يذكرون أنّ الأفضل وجد بموضع الصّهريج مطلبا، فختم عليه أشهرا إلى أن نقله، وعمله صهريجا وبنى عليه هذا المسجد.

وهذا الشّرف الذي عليه جامع الفيلة منظره في غاية الحسن لأنّ في قبليه بركة الحبش، وبستان الوزير المغربي، والعدويّة (١) ودير النّسطورية، وبئر أبي سلامة - وهي بئر مدوّرة برسم الغنم - وبئر النّعش كان يستقي منها أصحاب الرّوايا، وهي بجوار عفصة الصّغرى، وهي بئر أبي موسى بن أبي خليد. وسمّيت بئر النّعش لأنّها على هيئة النّعش، وماؤها يهضم الطّعام وهو أصحّ الأمواه. وشرقيّ هذا الجبل جبل المقطّم، والجبّانة والمعافر والقرافة، وآخر الأكحول، وديحان ورعين والكلاع والأكنوع (a). وغربيّ هذا الجبل المعشوق والنّيل، وبستان اليهودي إلى الفيلة (b)، وطموه والأهرام وراشدة. وبحريّ هذا الجبل بستان الأمير تميم، وقنطرة خليج بني وائل، ودير المعدّلين، وعقبة يحصب، ومحرس قسطنطين، والشّرف وغير ذلك.

وهذا الجامع لا تقام فيه اليوم جمعة ولا جماعة، لخراب/ ما حوله من القرافة وراشدة، وينزل فيه أحيانا طائفة من العرب بإبلهم يقال لهم المسلميّة. وعمّا قليل يدثر كما دثر غيره.

[جامع المقياس]

هذا الجامع بجوار مقياس النّيل من جزيرة الفسطاط أنشأه (c) (٢).


(a) بولاق: الأكسوع.
(b) بولاق: القبلة.
(c) بياض في جميع النسخ.
(١) انظر عن الزّاوية العدويّة، فيما يلي ٨٢١ - ٨٢٦.
(٢) ربّما يكون هذا الجامع هو نفسه الجامع الذي جدّده السّلطان الصّالح نجم الدّين أيّوب، والذي ذكره المقريزي (فيما يلي ١٨٠) باسم: «جامع الرّوضة بقلعة جزيرة الفسطاط»، ثم هدمه ووسّعه السّلطان المؤيد شيخ سنة ٨٢٣ هـ/ ١٤٢٠ م.
أقول: هذا الجامع كان في الأصل جزءا من مجموعة عمائر أقامها أمير الجيوش بدر الجمالي في رجب سنة ٤٨٥ هـ/ ١٠٩٢ م حول المقياس عند الطّرف الجنوبي لجزيرة الرّوضة. وقد وهم ابن دقماق فنسب بناء هذا الجامع إلى ابنه الأفضل شاهنشاه ولم يعيّن السّنة التي بني فيها (الانتصار ١١٥: ٤). ولكن J.J.Marcel - أحد العلماء المصاحبين للحملة الفرنسية - قدّم لنا في نهاية القرن الثامن عشر وصفا تفصيليّا يؤكّد الوجود التاريخي لهذا الجامع. -