للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلمّا تمّ بناؤه جلس فيه السّلطان بنفسه، واستدعى جميع المؤذّنين بالقاهرة ومصر، وسائر الخطباء والقرّاء، وأمر الخطباء فخطب كلّ منهم بين يديه، وقام المؤذّنون فأذّنوا وقرأ القرّاء، فاختار الخطيب جمال الدّين محمد بن محمد بن الحسن القسطلاّني - خطيب جامع عمرو - وجعله خطيبا بهذا الجامع، واختار عشرين مؤذّنا رتّبهم فيه، وجعل به قرّاء ودرسا وقارئ مصحف، وجعل له من الأوقاف ما يفضل عن مصارفه (١).

فجاء من أجلّ جوامع مصر وأعظمها، وبه إلى اليوم يصلّي سلطان مصر صلاة الجمعة، والذي يخطب فيه ويصلّي بالنّاس الجمعة قاضي القضاة الشّافعيّ (٢).

[جامع قوصون]

[أثر رقم ٢٩٣]

هذا الجامع خارج (a) باب القرافة تجاه خانقاه قوصون (٣)، أنشأه الأمير سيف الدّين قوصون (٤)، وعمّر بجانبه حمّاما، فعمرت تلك الجهة من القرافة بجماعة الخانقاه والجامع، وهو باق إلى يومنا (٥).


(a) بولاق والنسخ: داخل، والمثبت من السلوك ٥٤٥: ٢، وهو الصواب. - وقامت لجنة حفظ الآثار العربية بإصلاح وترميم الجامع عام ١٩٤٧، حيث أعادت بناء القبّة الكبيرة التي بالإيوان الشرقي وأصلحت منارته وسقفه.
(١) وصل إلينا المصحف الذي وقفه السّلطان النّاصر محمد بن قلاوون على جامع القلعة، وهو محفوظ بدار الكتب المصرية بالقاهرة تحت رقم ٤ مصاحف، ونصّ وقفيته:
«أوقف هذا المصحف الشّريف مولانا السّلطان المالك الملك النّاصر محمد بن مولانا السّلطان سيف الدين قلاوون، سقى اللّه عهدهما، وجعل مقرّه بالجامع الكبير بالقلعة المنصورة وشرط ألاّ يخرج من المسجد المذكور بوجه ما وقفا صحيحا شرعيّا، ﴿فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى اَلَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ﴾. بتاريخ سنة ثلاثين وسبع مائة».
(٢) أضاف ابن أبي السّرور البكري: «قلت: وفي زمننا الآن في أيّام العيدين: الفطرة والأضحى، يطلع وزير مصر يوم العيد وأمامه جميع الجاويشية والمتفرّقة وأمراء الجراكسة وأغاوات البلكّات وجميع الصّناجق الذين في ذلك الأوان وهم مشاة أمامه إلى أن يذهب إلى هذا الجامع فيصلّي فيه صلاة العيد، ويأتي هو وجميع من ذكر ويجلس على السّماط هو وهم يأكلون، وبعد ذلك يتفرّقون كلّ أحد إلى منزله». (قطف الأزهار ٢٣٩ و).
(٣) انظر خانقاه قوصون فيما يلي ٧٧٨ - ٧٨٢.
(٤) انظر ترجمة قوصون فيما تقدم ٢٢٤ - ٢٢٦.
(٥) مجهول: تاريخ سلاطين المماليك ٢٠٣، ٢٢٦؛ -