للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التركي على الصّلاة، فولي خمسة أشهر ونصفا. وخرج أوّل ذي القعدة بعد أن صرف بأحمد بن طولون في شهر رمضان سنة أربع وخمسين ومائتين (١).

وإليه كان أمر البلد جميعه من أيّام مزاحم، وفي أيّام ابنه أحمد أيضا، واللّه أعلم.

[ذكر القطائع ودولة بني طولون]

اعلم أنّ «القطائع» قد زالت آثارها، ولم يبق لها رسم يعرف. وكان موضعها من قبّة الهواء - التي صار مكانها قلعة الجبل - إلى جامع ابن طولون، وهذا أشبه أن يكون طول القطائع.

وأمّا عرضها فإنّه من أوّل الرّميلة تحت القلعة إلى الموضع الذي يعرف اليوم بالأرض الصّفراء عند مشهد الرّأس الذي يقال له الآن زين العابدين (٢).

وكانت مساحة القطائع ميلا في ميل، فقبّة الهواء كانت في سطح الجرف الذي عليه قلعة الجبل، وتحت قبّة الهواء قصر ابن طولون، وموضع هذا القصر الميدان السّلطاني تحت القلعة، والرّميلة التي تحت القلعة مكان سوق الخيل والحمير والجمال كانت بستانا، ويجاورها الميدان، في الموضع الذي يعرف اليوم بالقبيبات، فيصير الميدان فيما بين القصر والجامع الذي أنشأه أحمد ابن طولون. وبحذاء الجامع دار الإمارة في جهته القبلية، ولها باب من جدار الجامع يخرج منه إلى المقصورة المحيطة بمصلّى الأمير إلى جوار المحراب. وهناك أيضا دار الحرم.

والقطائع عدّة قطع تسكن فيها عبيد ابن طولون وعساكره وغلمانه، وكلّ قطيعة لطائفة.

فيقال قطيعة السّودان، وقطيعة الرّوم، وقطيعة الفرّاشين، ونحو ذلك، فكانت كلّ قطيعة لسكنى جماعة بمنزلة الحارات التي بالقاهرة (٣).

وكان ابتداء عمارة هذه القطائع وسببها أنّ أمير المؤمنين المعتصم باللّه، أبا إسحاق محمد بن هارون الرّشيد، لمّا اختصّ بالأتراك، ووضع من العرب وأخرجهم من الدّيوان وأسقط أسماءهم


(١) الكندي: ولاة مصر ٢٣٨.
(٢) أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ١٤: ٣.
(٣) نفسه ١٥: ٣؛ ابن دقماق: الانتصار ١٢١: ٤ - ١٢٢؛ وعن تاريخ مدينة القطائع، العاصمة الإسلامية الثالثة في مصر، انظر Salmon، G.، E? tude sur la topogra- phie du Caire: la Kalc? at al-Kabch et la Birkat al- Fil، Le Caire ١٩٠٢; Hassan، Z.M.، Les Tulunides، pp. ٢٨٨ - ٩٢؛ زكي محمد حسن: الفن الإسلامي في مصر، القاهرة ١٩٣٧؛ فريد شافعي: العمارة العربية في مصر الإسلامية (عصر الولاة)، القاهرة Fu'?d؛ ١٩٧٠ Sayyid، A.، La Capitale de l'E? gypte، pp. ٣٤ - ٣٦.