مروان، في سنة اثنتين وعشرين وستّ مائة، وهي ثاني دار عملت للحديث (١)؛ فإنّ أوّل من بنى دارا حديث (a) على وجه الأرض الملك العادل نور الدّين محمود بن زنكي بدمشق؛ ثم بنى الكامل هذه الدّار ووقفها على المشتغلين بالحديث النبويّ ثم من بعدهم على الفقهاء الشّافعيّة، ووقف عليها الرّبع الذي بجوارها على باب الخرنشف ويمتدّ إلى الدّرب المقابل للجامع الأقمر.
وهذا الرّبع من إنشاء الملك الكامل، وكان موضعه من جملة القصر الغربي، ثم صار موضعا يسكنه القمّاحون. وكان موضع المدرسة سوقا للرّقيق ودارا تعرف بابن كستول.
وأوّل من ولي تدريس الكاملية: الحافظ أبو الخطّاب عمر بن الحسن بن عليّ بن دحية، ثم أخوه أبو عمرو عثمان بن الحسن بن عليّ بن دحية، ثم الحافظ عبد العظيم المنذري، ثم الرّشيد العطّار.
وما برحت بيد أعيان الفقهاء، إلى أن كانت الحوادث والمحن منذ سنة ستّ وثمان مائة فتلاشت كما تلاشى غيرها، وولي تدريسها صبيّ لا يشارك الأناسي إلاّ بالصّورة، ولا يمتاز عن البهيمة إلاّ بالنطق، واستمرّ فيها دهرا لا يدرّس بها، حتى نسيت أو كادت تنسى دروسها، ولا حول ولا قوّة إلاّ باللّه.
[الملك الكامل]
ناصر الدّين أبو المعالي محمد ابن الملك العادل سيف الدّين أبي بكر محمد ابن نجم الدّين أيّوب بن شاذي بن مروان الكردي الأيّوبي، خامس ملوك بني أيّوب الأكراد بديار مصر، ولد في خامس عشرين ربيع الأوّل سنة ستّ وسبعين وخمس مائة، وخلف أباه الملك العادل على بلاد الشّرق.
(a) ساقطة من بولاق. - كما يدلّ على ذلك لوح يحمل ثلاثة أسطر بالخط النسخ العثماني نصّها: «أحي هذه المدرسة الكامليّة دار الحديث بعد الاندراس وأعادها محكمة البناء والأساس الأمير حسن كتخدا مستحفظان الشّعراوي، صانه اللّه من المساوئ وكان له وقاية في الدّارين وسببا في الجمع بين الحسنيين سنة ١١٦٦». وتأثّرت المباني الباقية من هذه المدرسة بشدّة بزلزال أكتوبر سنة ١٩٩٢، وهي الآن في حالة متخرّبة. (١) راجع ترجمة الملك الكامل محمد عند، ابن خلكان: وفيات الأعيان ٧٩: ٥ - ٩٢؛ ابن واصل: مفرج الكروب: المجلدان الرابع والخامس؛ الصفدي: الوافي بالوفيات ١٩٣: ١ - ١٩٧؛ المقريزي: السلوك ١٩٤: ١ - ٢٦١؛ أبي المحاسن: النجوم الزاهرة ٢٢٧: ٦ - ٣٠٢، ابن إياس: بدائع الزهور ١/ ٢٥٨: ١ - ٢٦٨؛ Gottschalk، H.L.، al-Malik al- Kamil von Egypten und seine Zeit، Wiesbaden ١٩٥٨; id.، El ٢ art.al-Malik al-KamilIV، pp. ٥٤٣ - ٤٤.