وإلى جانب هذه المدرسة كتّاب السّبيل برسم الأيتام. وكانت هذه المدرسة من أعظم مدارس القاهرة وأجلّها، وقد تلاشت لخراب ما حولها.
[القاضي الفاضل]
عبد الرّحيم بن عليّ بن الحسن بن أحمد بن الفرج بن أحمد، القاضي الفاضل محيي الدّين أبو عليّ، ابن القاضي الأشرف اللخمي العسقلاني البيساني المصري الشّافعي (١) - كان أبوه يتقلّد قضاء مدينة بيسان، فلهذا نسبوا إليها.
وكانت ولادته بمدينة عسقلان في خامس عشر جمادى الآخرة سنة تسع وعشرين وخمس مائة. ثم قدم القاهرة، وخدم الموفّق يوسف بن محمد بن الخلاّل، صاحب ديوان الإنشاء في أيّام الحافظ لدين اللّه، وعنه أخذ صناعة الإنشاء، ثم خدم بالإسكندرية مدّة. فلمّا قام بوزارة مصر العادل رزّيك بن الصّالح طلائع بن رزّيك، خرج أمره إلى والي الإسكندرية بتسييره إلى الباب، فلمّا حضر استخدمه بحضرته وبين يديه في ديوان الجيش. فلمّا مات الموفّق بن الخلاّل في سنة ستّ وستين وخمس مائة - وكان القاضي الفاضل ينوب عنه في ديوان الإنشاء - عيّنه الكامل بن شاور، وسعى له عند أبيه الوزير شاور بن مجير، فأقرّه عوضا عن ابن الخلاّل في ديوان الإنشاء.
فلمّا ملك أسد الدّين شيركوه احتاج إلى كاتب، فأحضره وأعجبه إتقانه وسمته ونصحه فاستكتبه، إلى أن ملك صلاح الدّين يوسف بن أيّوب، فاستخلصه وحسن اعتقاده فيه، فاستعان به على ما أراد من إزالة الدّولة الفاطميّة حتى تمّ مراده، فجعله وزيره ومشيره بحيث كان لا يصدر أمرا إلاّ عن مشورته، ولا ينفذ شيئا إلاّ عن رأيه، ولا يحكم في قضية إلاّ بتدبيره. فلمّا مات صلاح الدّين استمرّ على ما كان عليه عند ولده الملك العزيز عثمان، في المكانة والرّفعة وتقلّد الأمر.
فلمّا مات العزيز، وقام من بعده ابنه الملك المنصور بالملك، ودبّر أمره عمّه الأفضل، كان معهما على حاله، إلى أن وصل الملك العادل أبو بكر بن أيّوب من الشّام لأخذ ديار مصر، وخرج
(١) انظر ترجمة القاضي الفاضل عند، العماد الكاتب: خريدة القصر (قسم مصر) ٣٥: ١ - ٥٤؛ الموفق بن عثمان: مرشد الزوار ٦٢٠ - ٦٢٨؛ ابن خلكان: وفيات الأعيان ١٥٨: ٣ - ١٦٣؛ السبكي: طبقات الشافعية الكبرى ١٦٦: ٧ - ١٦٧؛ الصفدي: الوافي بالوفيات ٣٣٥: ١٨ - ٣٧٩؛ أبي المحاسن: النجوم الزاهرة ١٥٦: ٦ - ١٥٨. وللدكتور أحمد أحمد بدوي: القاضي الفاضل - دراسة ونماذج، القاهرة - مكتبة نهضة مصر د. ت؛ ونشر ديوانه في جزأين صدرا في القاهرة في سلسلة تراثنا سنة ١٩٦١ م، كما نشرت فتحية النبراوي «إنشاءات القاضي الفاضل»، القاهرة ١٩٨٠؛ وانظر كذلك Cahen، Cl.، El ٢ art.al-Kadl al-Fadil IV، pp. ٣٩٢ - ٩٣.