للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

درهم وخمسون ألف درهم، عها خمسون ألف دينار ونيّف، سوى الخيل. وزادت أملاكه وسعادته، وأنشأ جامعا بدمشق (١) بديع الوصف بهج الزّيّ وعدّة مواضع.

وكان النّاس في أيّامه قد أمنوا كلّ سوء، إلاّ أنّه كان يتخيّل خيالا، فيحتدّ خلقه ويشتدّ غضبه، فهلك بذلك كثير من النّاس، ولا يقدر أحد أن يوضّح له الصّواب لشدّة هيبته. وكان إذا غضب لا يرضى ألبتّة بوجه، وإذا بطش كان بطشه بطش الجبّارين، ويكون الذّنب صغيرا فلا يزال يكبّره حتى يخرج في عقوبة فاعله عن الحدّ. ولم يزل إلى أن أشيع بدمشق أنّه يريد العبور إلى بلاد الطّطر. فبلغ ذلك السّلطان، فتنكّر له، وجهّز إليه من قبض عليه في ثالث عشرين ذي الحجّة سنة أربعين، وأحيط بماله.

وقدم الأمير بشتاك إلى دمشق لقبضه، وخرج إلى القصر ومعه من مال تنكز، وهو من الذّهب العين ثلاث مائة ألف وستة وثلاثون ألف دينار، ومن الدّراهم الفضّة ألف ألف وخمس مائة ألف درهم، ومن الجوهر واللّؤلؤ والزّركش والقماش ثمان مائة حمل. ثم استخرج بعد ذلك من بقايا أمواله أربعون ألف دينارا وألف ألف ومائة ألف درهم. فلمّا وصل تنكز إلى قلعة الجبل جهّز إلى الإسكندرية، واعتقل فيها نحو الشهر، وقتل في محبسه، ودفن بها في يوم الثلاثاء حادي عشرين المحرّم سنة إحدى وأربعين وسبع مائة.

ومن الغريب أنّه أمسك يوم الثّلاثاء، ودخل مصر يوم الثّلاثاء، ودخل الإسكندرية يوم الثّلاثاء، وقتل يوم الثّلاثاء. ثم نقل إلى دمشق فدفن بتربته جوار/ جامعه ليلة الخامس من رجب سنة أربع وأربعين وسبع مائة، بعد ثلاث سنين ونصف، بشفاعة ابنته.

[دار أمير مسعود]

هذه الدّار بآخر خطّ الكافوري، عرفت بالأمير بدر الدّين مسعود بن خطير الرّومي أحد الأمراء بمصر (٢). أخرجه الملك النّاصر محمد بن قلاوون في ذي الحجّة سنة أربعين وسبع مائة إلى


(١) انظر عن جامع تنكز بدمشق، النعيمي: الدارس في تاريخ المدارس ٢٣٨: ٢ - ٢٣٩؛ وموضع الجامع بحكر السّمّاق بدمشق. ومازال الجامع معروفا باسمه في شارع النّصر الممتد من رأس باب القلعة الغربي حتى محطة الحجاز، وهو من أكبر مساجد دمشق. (الصفدي: أعيان العصر ١٢٠: ٢ هـ ٢).
(٢) الأمير بدر الدّين مسعود بن أوحد بن مسعود بن الخطير الحاجب، أحد مقدّمي الألوف بالشّام ومصر، وتولّى نيابة طرابلس وتوفي سنة ٧٥٤ هـ/ ١٣٥٤ م. (الصفدي: أعيان العصر ٤١٧: ٥ - ٤٢٧، الوافي ٥٣٢: ٢٥ - ٥٣٧؛ -