وحدّ هذه البركة من الجهة البحرية إلى الطّريق الآن، وكان فيه جسر - يعرف بجسر الحيّات - كان يفصل بين هذه البركة وبين بركة شطا، وكان فيه قنطرة يجري الماء فيها من هذه البركة إلى بركة شطا، وكان في هذا الحدّ ترعة أخرى يجري الماء فيها في زمن النّيل من البحر إلى هذه البركة، ورأيته يجري فيها، ورأيت الشّخاتير تدخل فيها إلى هذه البركة.
وأمّا حدّها الشّرقي فإنّه كان إلى أبنية الآدرّ المطلّة على هذه البركة. وأمّا حدّها الغربي فإنّه كان إلى بحر النّيل (١).
ولم تزل كذلك إلى أن استأجرها الأمير عزّ الدّين أيبك الأفرم، فردم هذه التّرعة، وبنى حيطان هذا البستان، وجسر عليه، وزرع فيه الشّتول والخضروات. وأقام على ذلك عدّة سنين، ثم استأجره إجارة ثانية، واشترط البناء على ثلاثة أفدنة في جانبه الغربي وفدّان في جانبه البحري (٢). فعمّر النّاس واستغنى عن الجسور، ورخّص على النّاس حتى رغبوا في العمارة، وآجر كلّ مائة ذراع من ذلك بعشرة دراهم نقرة، وعمّر البئر المشهورة ببئر السّواقي فعمّرت أحسن عمارة.
فلمّا توفّي الأفرم طمع الشّجاعيّ في أرباب الوقف وفي ورثته، ونزع منهم الفدادين المطّلة على بحر النّيل، وابتاع ذلك من وكيل بيت المال، وأعانه عليه قوم آخرون يجتمعون عند اللّه تعالى.
[ذكر المعشوق -]
اعلم أنّ المعشوق اسم لمكان فيه أشجار بظاهر مصر، من جملة خطّة راشدة، عرف أوّلا بجنان كهمس بن معمر، ثم عرف بجنان الماذرائي (a)، ثم عرف بجنان الأمير تميم بن المعزّ لدين اللّه، ثم جدّده الأفضل بن أمير الجيوش فعرف به. وآخر ما (b) صار من وقف ابن الصّابوني، فأخذه الصّاحب تاج الدّين محمد بن حنّا وعمّر به مناظر، وأوصى بعمارة رباط للآثار النّبويّة وأن توقف عليه. فلمّا أنشئ الرّباط المذكور، أرصد لمصالحه، وهو الآن وقف عليه.
(a) بولاق: المارداني. (b) بولاق: وآخرا. (١) يدلّ على موقع بركة الشّعيبيّة الآن منطقة الزّهراء جنوب كوبري الملك الصالح بمصر القديمة (وانظر كذلك محمد الششتاوي: متنزهات القاهرة، ٩٧ - ٩٩). (٢) حاشية بخطّ المؤلّف: «هذه الثلاثة أفدنة التي عرفت بجسر الأفرم فيما بين رباط الآثار والمدرسة المعزّيّة ظاهر مصر».