للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وممّا يؤيّد ذلك أنّ القاضي الفاضل عبد الرّحيم بن عليّ، لمّا أنشأ المدرسة الفاضليّة بالقاهرة، جعل فيها من كتب القصر مائة ألف كتاب مجلّد (١)، وباع ابن صورة دلاّل الكتب منها جملة في مدّة أعوام، فلو كانت كلّها مائة ألف لما فضل عن القاضي الفاضل منها شيء.

وذكر ابن واصل أنّ خزانة الكتب كانت تزيد على مائة وعشرين ألف مجلّد (٢).

[خزانة الكسوات]

قال ابن أبي طيّ: وعمل - يعني المعزّ لدين اللّه - دارا وسمّاها دار الكسوة، كان يفصّل فيها من جميع أنواع الثّياب والبزّ، ويكسو بها النّاس على اختلاف أصنافهم كسوة الشّتاء والصّيف، وكانت لأولاد النّاس ونسائهم كذلك. وجعل ذلك رسما يتوارثونه في الأعقاب، وكتب بذلك كتبا، وسمّى هذا الموضع «خزانة الكسوة».

وقال، عند ذكر انقراض الدّولة: ومن أخبارهم أنّهم كانوا يخرجون من خزائن الكسوة إلى جميع خدمهم وحواشيهم، ومن يلوذ بهم من صغير وكبير ورفيع وحقير، كسوات الصّيف والشّتاء من العمامة إلى السّراويل، وما دونه من الملابس والمنديل، من فاخر الثّياب ونفيس الملبوس. ويقومون لهم بجميع ما يحتاجون إليه من نفيس المطعومات والمشروبات.


(١) انظر فيما يلي ٣٦٦: ٢.
(٢) ابن واصل: مفرج الكروب ٢٠٣: ١.
وانظر أيضا خبر هذه الخزانة وما اشتملت عليه وما خرج منها عند أبي شامة: الروضتين في أخبار الدولتين ٥٠٧: ١، ٦٨٦ - ٦٨٧؛ وكذلك Khoury، R.G.، «Une description fantastique des fonds de la Bibliothe? que، Hiza? nat al-Kutub، au Caire،» Proceedings of the Ninth Congress of the Union Europe? enne des Arabisants et Islamisants، Leiden ١٩٨١، pp. ١٢٣ - ٤٠؛ ووصل إلينا من بين الكتب التي كانت في تلك الخزانة ثلاث مخطوطات: النسخة الوحيدة من كتاب «التّعليقات والنوادر» لأبي عليّ الهجري، كانت أوّلا في خزانة كتب الوزير الأفضل شاهنشاه ثم دخلت في الخزانة الفائزية (محفوظة الآن في دار الكتب المصرية بالقاهرة تحت رقم ٣٤٢ لغة و ٦٥٥٣ هـ، وبقيتها في مكتبة الجمعية الآسيوية للبنغال في الهند)؛ والنسخة الوحيدة أيضا من كتاب «حذف من نسب قريش عن مؤرج بن عمرو السّدوسي كانت في خزانة الظافر بأمر اللّه الفاطمي (محفوظة الآن بالخزانة العامة بالرباط) (انظر صفحة ٣٥٧)؛ والمجلد العاشر من كتاب «الأغاني» لأبي الفرج الأصفهاني يحوي الجزأين التاسع عشر والعشرين من الكتاب، كان أيضا في خزانة الظافر بأمر اللّه ثم وقفه السلطان الناصر حسن على مدرسته بالقاهرة سنة ٧٥٥ هـ/ ١٣٥٥ م (محفوظ الآن بدار الكتب المصرية تحت رقم ٤٢٧ أدب). (راجع Fu'?d Sayyid، A.، «L'art du livre»، Dossiers d'Archeologie ٢٣٣ (Mai ١٩٩٨)، pp. ٨٠ - ٨٣؛ أيمن فؤاد: «خزانة كتب الفاطميين هل بقي منها شيء؟»، مجلة معهد المخطوطات العربية ٤٢ (مايو ١٩٩٨)، ٧ - ٣٢، والدولة الفاطمية في مصر ٥٩٤ - ٦٠٩).