للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويلي سوق الجوخيّين هذا:

سوق الشّرابشيّين

وهذا السّوق ممّا أحدث بعد الدّولة الفاطميّة. ويباع فيها الخلع التي يلبسها السّلطان للأمراء والوزراء والقضاة وغيرهم. وإنّما قيل له سوق الشّرابشيّين (١)؛ لأنّه كان من الرّسم، في الدّولة التركية، أنّ السّلطان والأمراء وسائر العساكر إنّما يلبسون على رؤوسهم كلّوتة صفراء مضرّبة تضريبا عريضا، ولها كلاليب بغير عمامة فوقها، وتكون شعورهم مضفورة مدلاّة بدبّوقة، وهى في كيس حرير إمّا أحمر أو أصفر، وأوساطهم مشدودة ببنود من قطن بعلبكّي مصبوغ عوضا عن الحوائص، وعليهم أقبية إمّا بيض أو مشجّرة أحمر وأزرق، وهى ضيّقة الأكمام على هيئة ملابس الفرنج اليوم، وأخفافهم من جلد بلغاري أسود، وفي أرجلهم من فوق الخفّ سقمان وهو خفّ ثان، ومن فوق القباء كمران بحلق وأبزيم، وصوالق بلغاري كبار يسع الواحد منها أكثر من نصف ويبة غلّة، مغروز فيه منديل طوله ثلاثة أذرع.

فلم يزل هذا زيّهم منذ استولوا بديار مصر على الملك من سنة ثمان وأربعين وستّ مائة إلى أن قام في المملكة الملك المنصور قلاوون، فغيّر هذا الزّيّ بأحسن منه، ولبسوا الشّاشات،/ وأبطلوا لبس الكمّ الضّيّق، واقترح كلّ أحد من المنصوريّة ملابس حسنة (٢). فلمّا ملك ابنه الملك (a) الأشرف خليل جمع خاصّكيته ومماليكه، وتخيّر لهم الملابس الحسنة، وبدّل الكلّوتات (b) الجوخ والصّفر. ورسم لجميع الأمراء أن يركبوا بين مماليكهم بالكلّوتات (b) الزّركش والطّرازات الزّركش والكنابيش الزّركش والأقبية الأطلس المعدني حتى يميّز الأمير بلبسه عن غيره، وكذلك في الملبوس الأبيض أن يكون رفيعا، واتّخذ السّروج المرصّعة والأكوار المرصّعة فعرفت بالأشرفيّة.

وكانت قبل ذلك سروجهم بقرابيس كبار شنعة، وركب كبار بشعة.


(a) ساقطة من بولاق.
(b) آياصوفيا: الكلفتات.
(١) ذكر ابن إياس أنّ جامع السّلطان الغوري أنشئ في الشّرابشيين، وخطب فيه يوم الجمعة مستهل شهر ربيع الآخر سنة ٩٠٩ هـ/ ١٥٠٣ م. (ابن إياس: بدائع الزهور ٥٨: ٤). فعلى ذلك يكون موضع سوق الشّرابشيين في المكان الذي أقيم على جزء منه جامع الغوري في المسافة المحصورة بين شارع الأزهر شمالا وعطفة البارودية جنوبا. (أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ٢٠٩: ٨ - ٢١٠ هـ ٣).
(٢) انظر فيما يلي ٧٠٣ - ٧٠٥.