هذا الجامع بالقاهرة (١) في وسط السّوق الذي كان يعرف قديما بسوق السّرّاجين، ويعرف اليوم بسوق الشّوّائين. كان يقال له «الجامع الأفخر»، ويقال له اليوم «جامع الفكّاهين» (a)، وهو من المساجد الفاطميّة. عمّره الخليفة الظّافر بنصر اللّه أبو المنصور إسماعيل بن الحافظ لدين اللّه أبي الميمون عبد المجيد بن الآمر بأحكام اللّه منصور، ووقف حوانيته على سدنته ومن يقرأ فيه.
قال ابن عبد الظّاهر: بناه الظّافر، وكان قبل ذلك زريبة تعرف بدار الكباش، وبناه في سنة ثلاث وأربعين وخمس مائة. وسبب بنائه أنّ خادما رأى من مستشرف (b) عال ذبّاحا وقد أخذ رأسين من الغنم، فذبح أحدهما ورمى سكينته، وراح (c) ليقضي حاجته، فأتى رأس الغنم الآخر وأخذ السّكّين بفمه ورماها في البلاّعة (d)، فجاء الجزّار يطوف على السّكّين فلم يجدها، وأمّا الخادم فإنّه استصرخ وخلّصه منه. وطولع بهذه القضيّة أهل القصر، فأمروا بعمله جامعا، ويسمّى «الجامع الأفخر»، وبه حلقة تدريس وفقهاء ومتصدّرون للقرآن. وأوّل ما أقيمت به الجمعة في (e) (٢).
(a) بولاق: الفاكهيين. (b) بولاق: مشرف. (c) بولاق: مضى. (d) بولاق: البلوعة. (e) بياض في الأصول. (١) تأثّر هذا الجامع، الواقع في شارع المعز لدين اللّه (الغورية سابقا) على رأس حارة خشقدم (حوش آدم)، من زلزال سنة ٧٠٢ هـ/ ١٣٠٢ م (انظر عنه فيما تقدم ١٠٣)، حيث سقطت مئذنته. كما قام بأعمال ترميمية هامّة فيه سنة ٨٤٤ هـ/ ١٤٤٠ م العالم المفسّر جلال الدّين المحلّي، المتوفى سنة ٨٦٤ هـ/ ١٤٥٩ م، الذي أمر بإنشاء ميضأة به. ونحو نهاية القرن التاسع الهجري/ الخامس عشر الميلادي عني بعمارته وزخرفته الأمير يشبك من مهدي الدّوادار وأزال الأبنية التي كانت تحجبه. وفي سنة ١١٤٨ هـ/ ١٧٣٦ م هدمه الأمير أحمد كتخدا مستحفظان الخربوطلي وأعاد بناءه (الجبرتي: عجائب الآثار ٢٨٦: ١، ٥٤٨). ولم يبق من الجامع الفاطمي إلاّ مصاريع البابين الغربي والبحري بالإضافة إلى مداميك حجرية في أعلى الباب الغربي كتب عليها بالخطّ الكوفي «لا إله إلاّ اللّه محمد رسول اللّه» أعيد استخدامها في بناء الجامع الجديد. (راجع، حسن عبد الوهاب: تاريخ المساجد الأثرية ٧٤: ١ - ٧٥؛ سعاد ماهر: مساجد مصر ٣٤١: ١ - ٣٤٧؛ Fu'ad Sayyid، A.، La capitale de l'Egypte pp. ٥٤٤ - ٤٧؛ عاصم محمد رزق: أطلس العمارة الإسلامية ٧١٩: ١ - ٧٣٤). (٢) ابن عبد الظاهر: الروضة البهية ٧٤ - ٧٥؛ -