يشتمل المجلّد الثّاني من كتاب «المواعظ والاعتبار في ذكر الخطط والآثار» للمقريزي - الذي ننشره اليوم - على الجزأين الثّالث والرّابع من تجزئة المؤلّف (فيما تقدم ٨: ١)، وهما:«أخبار فسطاط مصر ومن ملكها» و «أخبار القاهرة وخلائفها وما كان لهم من الآثار». ويحتوي هذان الجزآن على أشمل وصف متكامل لنشأة عواصم مصر الإسلامية ونموّها، من الفسطاط إلى القاهرة، مرورا بالعسكر والقطائع. ويقدّم لنا المقريزي أيضا في هذا المجلّد تراجم مفيدة لولاة مصر وتتابعهم في العصر الإسلامي، بدءا من عمرو بن العاص وحتّى آخر الخلفاء الفاطميين الخليفة العاضد لدين اللّه الذي انتهت بوفاته الخلافة الفاطميّة في مصر سنة ٥٦٧ هـ/ ١١٧١ م (فيما يلي ٤٠ - ١٢٢، ١٧٦ - ٢٠٦)؛ كما يشتمل هذا المجلّد على ذكر خطط الفسطاط الأولى عند إنشائها وما طرأ عليها حتّى نهاية عصر الدّولة الفاطميّة، وما طرأ كذلك على ساحل النّيل الشّرقي المواجه للفسطاط من تغيّر حتّى القرن الخامس الهجري/ الحادي عشر الميلادي.
وقد اعتمد المقريزي في ذلك - في الأساس - على مؤلّفات ابن عبد الحكم والكندي وابن زولاق والمسبّحي والقضاعي والشّريف الجوّاني وابن المتوّج. وأفاض المقريزي في الحديث عن تأسيس مدينتي العسكر والقطائع، ثم الخراب الذي حلّ بالقطائع على يد محمد بن سليمان الكاتب سنة ٢٩٢ هـ/ ٩٠٥ م. وختم هذا الجزء بالحديث على أسباب خراب الفسطاط التي حصرها المقريزي في سببين رئيسين هما:«الشّدّة العظمى» و «حريق الفسطاط»(فيما يلي ١٣٥ - ١٤٦).
أمّا الجزء الرّابع المشتمل على «أخبار القاهرة وخلائفها وما كان لهم من الآثار»، فيكاد يكون أشمل وأتمّ وصف وصل إلينا لتاريخ القاهرة في زمن الفاطميين، كما أنّه أكثر أجزاء الكتاب