للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر المواضع المعروفة بالصّناعة

لفظ الصّناعة - بكسر الصّاد - مأخوذ من قولك: صنعه يصنعه صنعا، فهو مصنوع وصنيع، عمله. واصطنعه اتّخذه. والصّناعة ما يستصنع من أمر؛ هذا أصل الكلمة من حيث اللّغة.

وأمّا في العرف فالصّناعة اسم لمكان قد أعدّ لإنشاء المراكب البحرية التي يقال لها السّفن، واحدتها سفينة، وهى بمصر على قسمين: نيليّة، وحربيّة (١).

فالحربيّة هي التي تنشأ لغزو العدوّ، وتشحن بالسّلاح وآلات الحرب والمقاتلة، فتمرّ من ثغر الإسكندرية وثغر دمياط وتنّيس والفرما إلى جهاد أعداء اللّه من الرّوم والفرنج. وكانت هذه المراكب الحربيّة يقال لها «الأسطول»، ولا أحسب هذا اللّفظ عربيّا.

وأمّا المراكب النّيلية فإنها تنشأ لتمرّ في النّيل، صاعدة إلى أعلى الصّعيد، ومنحدرة إلى أسفل الأرض، لحمل الغلال وغيرها. ولمّا جاء اللّه تعالى بالإسلام لم يكن البحر يركب للغزو في حياة رسول اللّه ، وخلافة أبي بكر وعمر . وأوّل من ركب البحر في الإسلام للغزو العلاء بن الحضرمي (٢) وكان على البحرين من قبل أبي بكر وعمر فأحبّ أن يؤثّر في الأعاجم أثرا يعزّ اللّه به الإسلام على يديه. فندب أهل البحرين إلى فارس فبادروا إلى ذلك، وفرّقهم أجنادا على أحدها الجارود بن المعلّى ، وعلى الآخر (a) سوار بن همّام ، وعلى الآخر (b) خليد بن المنذر بن ساوى ، وجعل خليدا على عامّة النّاس؛ فحملهم في البحر إلى فارس بغير إذن عمر بن الخطّاب وكان عمر لا يأذن لأحد في ركوب البحر غازيا كراهة للتّغرير بجنده، اقتداء برسول اللّه وخليفته أبي بكر .


(a) بولاق: الثاني.
(b) بولاق: الثالث.
(١) انظر Colin، G.S & Cahen، Cl.، El ٢ art.Dar al-Sina a II، p. ١٣٣.
(٢) العلاء بن عبد اللّه بن عماد (عباد) بن أكبر بن ربيعة من مقنّع، المعروف بالعلاء بن الحضرمي، صحابي من رجال الفتوح في صدر الإسلام، توفي سنة ٢١ هـ/ ٦٤٢ م. (الذهبي: سير أعلام النبلاء ٢٦٢: ١ - ٢٦٦؛ الفاسي: العقد الثمين ٤٤٧: ٦ - ٤٤٩).