للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ألف دينار، ثم سكنها في رجب سنة ستّ وأربعين وثلاث مائة.

وذكر اليمني أنّه انتقل إليها في جمادى الآخرة من السنة المذكورة، وأنّه كان أدخل فيها عدّة مساجد ومواضع اغتصبها من أربابها ولم يقم فيها غير أيّام قلائل، ثم أرسل إلى أبي جعفر مسلم الحسيني ليلا فقال له: امض بي إلى دارك. فمضى به فمرّ على دار، فقال: لمن هذه؟ فقال:

لغلامك نحرير التربية. فدخلها وأقام فيها شهورا إلى أن عمّروا له دار خمارويه المعروفة بدار الحرم وسكنها. وقيل إنّ سبب انتقاله من جنان بني مسكين بخار البركة، وقيل وباء وقع في غلمانه، وقيل ظهر له بها جان (١).

وكانت دار الفيل هذه ينظر منها جزيرة مصر التي تعرف اليوم بالرّوضة.

قال أبو عمر الكندي في «كتاب الموالي»: ومنهم أبو غنيم، مولى مسلمة بن مخلد الأنصاري. كان شريفا في الموالي، وولاّه عبد العزيز بن مروان الجزيرة ثم عزله عنها. وكان يجلس في داره التي يقال لها دار الفيل، فينظر إلى الجزيرة فيقول لإخوانه: أخبروني بأعجب شيء في الدّنيا. قالوا: منارة الإسكندرية؛ (a)) قال: ما صنعتم شيئا، فيقولون: الأهرام، فيقول (a):

ما أصبتم شيئا. فيقولون له: فقناة قرطاجنّة؛ فيقول: ما صنعتم شيئا. قالوا: فما تقول أنت؟ قال: العجب أنّي أنظر إلى الجزيرة ولا أقدر أدخلها.

وعلى هذه البركة الآن عدّة آدرّ جليلة، وجامع وحمّام وغير ذلك.

[بركة الفيل]

هذه البركة فيما بين مصر والقاهرة، وهي كبيرة جدّا، ولم يكن في القديم عليها بنيان. ولمّا وضع جوهر القائد مدينة القاهرة كانت تجاه القاهرة، ثم حدثت حارة السّودان وغيرها خارج باب زويلة. وكان ما بين حارة السّودان وحارة اليانسيّة وبين بركة الفيل فضاء، ثم عمّر النّاس حول بركة الفيل بعد الستّ مائة حتى صارت مساكنها أجلّ مساكن مصر كلّها (٢).


(a-a) ساقطة من بولاق.
(١) ابن دقماق: الانتصار ١٢٥: ٤.
(٢) بركة الفيل. لم تكن بركة الفيل - مثلها مثل بركة الحبش وعدد آخر من برك القاهرة - بركة عميقة فيها ماء راكد بالمعنى المفهوم الآن من لفظ بركة، وإنّما كانت تطلق -