وهذه المدرسة بخطّ الشّون، قبلي دار النحاس من ظاهر مدينة مصر أنشأها عزّ الدّين محمد ابن صلاح الدّين أحمد بن محمد بن عليّ الخرّوبي، وهي أكبر من مدرسة عمّه بدر الدّين، إلاّ أنّه مات سنة ستّ وسبعين وسبع مائة قبل استيفاء ما أراد أن يجعل فيها، فليس لها مدرّس ولا طلبة. ومولده سنة ستّ عشرة وسبع مائة، ونشأ في دنيا عريضة (١).
المدرسة الصّاحبيّة البهائيّة
هذه المدرسة كانت بزقاق القناديل (٢) من مدينة مصر قرب الجامع العتيق (٣)، أنشأها الوزير الصّاحب بهاء الدّين عليّ بن محمد بن سليم بن حنّا في سنة أربع وخمسين وستّ مائة.
وكان إذ ذاك زقاق القناديل أعمر أخطاط مصر، وإنّما قيل له زقاق القناديل من أجل أنّه كان سكن الأشراف، وكانت أبواب الدّور يعلّق على كلّ باب منها قنديل، قال القضاعيّ: ويقال إنّه كان به مائة قنديل توقد كلّ ليلة على أبواب الأكابر.
(١) المقريزي: درر العقود الفريدة ٢٢٨: ٣؛ ابن دقماق: الانتصار ٩٩: ٤. وذكر علي باشا مبارك أنّ الباقي من هذه المدرسة الضّريح المعروف بضريح سيدي شاهين المغربي، الكائن على يسرة السّالك في طريق مصر القديمة بقرب بيت السّتّ البارودية من الجهة القبلية. (الخطط التوفيقية ١٥: ٦ - ٥٦ (٧)). (٢) جذب ثراء أسواق الفسطاط وعلى الأخصّ «زقاق القناديل» في العصر الفاطمي انتباه الرحّالة والجغرافيين؛ يقول الجغرافي والرحالة المقدسي البشاري - الذي زار مصر في نهاية القرن الرابع الهجري -: إنّ جامع عمرو وما حوله من أسواق هو أعمر موضع بمصر «وزقاق القناديل عن يساره وما أدراك ما زقاق القناديل» (أحسن التقاسيم ١٩٩). أمّا الرحالة الفارسي ناصر خسرو - بعد ذلك بنحو خمسين سنة - فيقول: إنّ جامع عمرو يقع في وسط سوق مصر، بحيث تحيط به الأسواق من جهاته الأربع وتفتح عليها أبوابه. ويقع سوق القناديل على الجانب الشمالي للجامع، ثم أضاف أنّه «لا يعرف سوق مثله في أي بلد، وفيه كلّ ما في العالم من طرائف … ». (سفرنامه ١٠٣). (٣) واضح ممّا ورد في آخر ترجمة الصّاحب بهاء الدّين ابن حنّا، أنّ هذه المدرسة هدمت في أخريات سنة سبع عشرة وأوائل سنة ثماني عشرة وثمان مائة؛ هدمها، في أيّام السّلطان المؤيّد شيخ، الأمير تاج الدّين الشّوبكي الدّمشقي والي القاهرة ومصر ومتولّي حسبة البلدين وشدّ العمائر السّلطانية. (أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ٢٤١: ٧؛ علي مبارك: الخطط التوفيقية ٢٠: ٦ (٨ - ٩)).