ودخل على السّلطان/ بقيده، فأمر به ففكّ بين يديه، وأفيض عليه التّشريف فقبّل الأرض وأكرمه السّلطان وأمّره. فنزل إلى داره، وخرج النّاس إلى رؤيته وسرّوا بخلاصه.
فبعث إليه السّلطان عشرين فرسا وعشرين إكديشا (١) وعشرين بغلا، وأمر جميع الأمراء أن يبعثوا إليه، فلم يبق أحد حتى سيّر إليه ما يقدر عليه من التّحف والخيل (a) والسّلاح، وبعث إليه أمير سلاح ألفي دينار عينا. وكانت مدّة سجنه إحدى عشرة سنة وأشهرا، فصار يكتب بعد خروجه من السّجن «بيسرى الأشرفي» بعد ما كان يكتب «بيسري الشّمسي».
وما زال إلى أن تسلطن الملك المنصور لاجين فأخذ الأمير منكوتمر (b) يغريه بالأمير بيسري ويخوّفه منه، وأنّه قد تعيّن للسّلطنة. فعمله كاشف الجيزة، وأمره أن يحضر الخدمة يومي الاثنين والخميس بالقلعة، ويجلس رأس الميمنة تحت الطّواشي حسام الدّين بلال المغيثي لأجل كبره وتقدّمه. ثم زاد منكوتمر (b) في الإغراء به والسّلطان يستمهله (c)، إلى أن قبض عليه وسجنه في سنة سبع وتسعين وستّ مائة، وأحاط بسائر موجوده، وحبس عدّة من مماليكه.، فسرّ منكوتمر (b) بمسكه سرورا عظيما. واستمرّ في السّجن إلى أن مات في تاسع عشر شوّال سنة ثمان وتسعين وستّ مائة وعليه ديون كثيرة، ودفن بتربته خارج باب النّصر رحمه اللّه تعالى.
[قصر بشتاك]
[أثر رقم ٣٤] هذا القصر هو الآن تجاه الدّار البيسريّة، وهو من جملة القصر الكبير الشّرقي الذي كان مسكنا للخلفاء الفاطميين، ويسلك إليه من الباب الذي كان يعرف في أيّام عمارة القصر الكبير في زمن الخلفاء بباب البحر، وهو يعرف اليوم بباب قصر بشتاك تجاه المدرسة الكاملية (٢).
وما زال إلى أن اشتراه الأمير بدر الدّين بكتاش الفخري (٣) - المعروف بأمير سلاح - وأنشأ دورا وإسطبلات ومساكن له ولحواشيه وصار ينزل إليه هو والأمير بدر الدّين بيسري عند انصرافهما
(a) ساقطة من بولاق. (b) بولاق: منكرتمر. (c) بولاق: والسلطنة تستمهله. (١) الإكديش ج. أكاديش، كدشان. فرس من سلالة مخلّطة، ويرد أحيانا كفرس خصي، أو فرس صغير ضعيف، كان سلاطين المماليك يكثرون من إهدائه إلى أمرائهم. (Dozy، R.، Suppl.Dict.Ar.II، p. ٤٥٧). (٢) فيما تقدم ٤٢٥: ٢. (٣) عن أمير السّلاح بدر الدّين بكتاش الفخري، انظر -