للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولم يكن بين القلزم وفاران قرية ولا مدينة، سوى (a) نخل يسير فيه صيّادون للسّمك. وكذلك من فاران وجبيلان (b) إلى أيلة.

قال ابن الطّوير: والبلد المعروف بالقلزم أكثرها باق إلى اليوم، ويراها الرّاكب السّائر من مصر إلى الحجاز. وكانت في القديم ساحلا من سواحل الدّولة (c) المصرية، ورأيت شيئا من حسابه من جهة مستخدميه في حواصل القصر وما ينفق على واليه وقاضيه وداعيه وخطيبه والأجناد المركّزين به لحفظه وقربه وجامعه ومساجده، وكان مسكونا مأهولا.

قال المسبّحيّ في حوادث سنة سبع وثمانين وثلاث مائة: وفي شهر رمضان سامح أمير المؤمنين الحاكم بأمر اللّه أهل مدينة القلزم ممّا كان يؤخذ من مكوس المراكب (١).

وقال ابن خرداذبة عن التّجّار: فيركبون في البحر الغربي، ويخرجون بالفرما ويحملون تجاراتهم على الظّهر إلى القلزم - وبينهما خمسة وعشرون فرسخا - ثم يركبون البحر الشّرقي من القلزم إلى الجار (d) وجدّة، ثم يمضون إلى السّند والهند والصّين (٢).

ومن القلزم ينزل النّاس في برّيّة وصحراء ستّ مراحل إلى أيلة، ويتزوّدون من الماء لهذه السّتّ مراحل. ويقال إنّ بين القلزم وبحر الرّوم ثلاث مراحل، وإنّ ما بينهما هو البرزخ الذي ذكره اللّه تعالى بقوله: ﴿بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ﴾ [الآية ٢٠ سورة الرحمن].

التّيه

هو أرض بالقرب من أيلة، بينهما عقبة لا يكاد الرّاكب يصعد من عليها لصعوبتها، إلاّ أنّها مهّدت من زمن خمارويه بن أحمد بن طولون. ويسير الرّاكب مرحلتين في فحص التّيه هذا حتى يوافي ساحل بحر فاران، حيث كانت مدينة فاران، وهناك غرق فرعون.

والتّيه مقدار أربعين فرسخا في مثلها، وفيه تاه بنو إسرائيل أربعين سنة، لم يدخلوا مدينة ولا أووا إلى بيت، ولا بدّلوا ثوبا، وفيه مات موسى ويقال إنّ طول التّيه نحو من ستّة أيّام (٣).


(a) بولاق: وهي.
(b) بولاق: جيلان.
(c) بولاق: الديار.
(d) بولاق: تجار.
(١) المقريزي: اتعاظ الحنفا ١٥: ٢.
(٢) ابن خرداذبة: المسالك والممالك ١٥٣.
(٣) هو المعروف اليوم بوادي التيه في محافظة جنوب سيناء (ياقوت: معجم البلدان ٦٩٩: ٢؛ محمد رمزي: القاموس الجغرافي ٣٨: ١).