برهان الدّين الرّشيدي، وبنى بجانبها حمّاما، وغرس في قبليها بستانا، وعمل بجانب الحمّام حوض ماء للسّبيل ترده الدّواب، ووقف على ذلك عدّة أوقاف.
ثم إنّ الحمّام والحوض تعطّلا مدّة، فلمّا ماتت أرزباي زوجة القاضي فتح الدّين فتح اللّه كاتب السّرّ (١) في سنة ثمان وثمان مائة، دفنها خارج باب النصر، وأحبّ أن يبنى على قبرها ويوقف عليها أوقافا. ثم بدا له فنقلها إلى هذه الخانقاه ودفنها بالقبّة التي فيها، وأدار السّاقية، وملأ الحوض، ورتّب لقرّاء هذه الخانقاه معلوما، وعزم على تجديد ما تشعّث من بنائها وإدارة حمّامها. ثم بدا له فأنشأ بجانب هذه الخانقاه تربة، ونقل زوجته مرّة ثالثة إليها، وجعل أملاكه وقفا على تربته.
[طغاي تمر النجمي -]
كان دوادار الملك الصّالح إسماعيل بن محمد بن قلاوون (٢)، فلمّا مات الصّالح، استقرّ على حاله في أيّام أخويه الملك الكامل شعبان والملك المظفّر حاجي. وكان من أحسن الأشكال، وأبدع الوجوه، تقدّم في الدّول، وصارت له وجاهة عظيمة، وخدمه الناس. ولم يزل على حاله إلى أن لعب به أغرلو (٣) فيمن لعب، وأخرجه إلى الشّام، وألحقه بمن أخذه من غزّة، وذلك في أوائل جمادى الآخرة سنة ثمان وأربعين وسبع مائة.
وطغاي هذا أوّل دوادار أخذ إمرة مائة وتقدمة ألف، وذلك في أوّل دولة المظفّر حاجي. ولمّا كانت واقعة الأمير ملكتمر الحجازي والأمير آق سنقر وعدّة من الأمراء، في تاسع عشر ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين وسبع مائة، رمى طغايتمر سيفه، وبقي بغير سيف بعض يوم، ثم إنّ
= طشتمر السّاقي، والحدّ الغربي ينتهي إلى الطريق». Behrens-Abouseif، D.، Fath Allah and Abu) Zakariyya: Physicians under the Mamluks، CAI وبما أن تربة الأمير طشتمر حمّص أخضر ما تزال قائمة ومسجلة بالآثار برقم ٢٩ بشارع العفيفي بجبّانة المجاورين شرقي القاهرة. (١) انظر عن القاضي فتح الدّين فتح اللّه بن مستعصم، فيما تقدم ٣: ٢٠٢ - ٤٠٢. (٢) انظر ترجمة طغاي تمر النجمي كذلك عند، الصفدي: أعيان العصر ٢: ٣٠٦ - ٤٠٦، الوافي بالوفيات ٦١: ٩٤٤ - ٠٥٤؛ ابن حبيب: تذكرة النبيه ٣: ٩٩؛ المقريزي: السلوك ٢: ٥٥٧؛ ابن حجر: الدرر الكامنة ٢: ٤٢٣؛ أبي المحاسن: النجوم الزاهرة ٠١: ٤٨١، المنهل الصافي ٦: ١١٤ - ٢١٤. (٣) الأمير شجاع الدّين أغرلو السّيفي، المتوفى مقتولا سنة ٨٤٧ هـ/ ٧٤٣١ م. راجع أخباره عند، الصفدي: أعيان العصر ١: ٣٤٥ - ٥٤٥، الوافي بالوفيات ٩: ٤٩٢ - ٦٩٢؛ المقريزي: المقفى الكبير ٢: ٤٤٢٢ - ٧٢٢، ابن حجر: الدرر الكامنة ١: ٧١٤ - ٨١٤؛ أبي المحاسن: النجوم الزاهرة ٩: ٥٤٢، المنهل الصافي ٢: ٠٦٤ - ٢٦٤.