للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي أيّامه أخذ الوزير الأسعد شرف الدّين هبة اللّه بن صاعد الفائزي الجوالي من النصارى مضاعفة (١).

وفي أيّام [الملك المظفّر قطز] (a) ثارت عوامّ دمشق، وخرّبت كنيسة مريم بدمشق بعد إحراقها ونهب ما فيها، وقتل جماعة من النصارى بدمشق، ونهب دورهم وخرابها في سنة ثمان وخمسين وستّ مائة، بعد وقعة عين جالوت وهزيمة المغل. فلمّا دخل السّلطان الملك المظفّر قطز إلى دمشق، قرّر على النصارى بها مائة ألف وخمسين ألف درهم، جمعوها من بينهم، وحملوها إليه بسفارة الأمير فارس الدّين أقطاي المستعرب أتابك العسكر (٢).

[واقعة النصارى]

وفي سنة اثنتين وتسعين (b) وستّ مائة، كانت «واقعة النصارى». ومن خبرها أنّ الأمير سنجر الشّجاعي كانت حرمته وافرة في أيّام الملك المنصور قلاوون، فكان النصارى يركبون الحمير بزنانير في أوساطهم، ولا يجسر نصرانيّ يحدّث مسلما وهو راكب، وإذا مشى فبذلّة، ولا يقدر أحد منهم يلبس ثوبا مصقولا. فلمّا مات الملك المنصور، وتسلطن من بعده ابنه الملك الأشرف خليل، خدم الكتّاب النصارى عند الأمراء الخاصّكيّة، وقوّوا نفوسهم على المسلمين، وترفّعوا في ملابسهم وهيئاتهم. وكان منهم كاتب عند خاصّكي يعرف بعين الغزال، فصدف يوما في طريق مصر سمسار شونة مخدومه، فنزل السّمسار عن دابّته، وقبّل رجل الكاتب فأخذ يسبّه، ويهدّده على مال قد تأخّر عليه من ثمن غلّة الأمير، وهو يترفّق له ويعتذر، فلا يزيده ذلك عليه إلاّ غلظة. وأمر غلامه فنزل، وكتّف السّمسار، ومضى به - والناس تجتمع عليه - حتى صار إلى صليبة جامع أحمد بن طولون، ومعه عالم كبير، وما منهم إلاّ من يسأله أن يخلّي عن السّمسار، وهو يمتنع عليهم، فتكاثروا عليه، وألقوه عن حماره، وأطلقوا السّمسار وكان قد قرب من بيت أستاذه، فبعث غلامه لينجده بمن فيه، فأتاه بطائفة من غلمان الأمير وأوجاقيته، فخلّصوه من الناس، وشرعوا في القبض عليهم ليفتكوا بهم. فصاحوا عليهم ما يحلّ، ومرّوا مسرعين إلى أن وقفوا تحت القلعة، واستغاثوا:


(a) في النسخ: وفي أيّامه، والزيادة من المكين بن العميد.
(b) كذا بالنسخ وهو خطأ صوابه ما أثبته اعتمادا على نص العيني.
(١) المكين بن العميد: أخبار الأيوبيين ١٦٥.
(٢) نفسه ١٧٥ - ١٧٦؛ وتاريخ المسلمين ١٦٩.