للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصّلاة قرأوا القرآن على عادتهم ثم ينصرفون مجتمعين إلى الزّاوية ومعهم شيخهم» (١).

***

وارتبط بالخوانك ونشاطها الصّوفي مؤسّستان أخريان هما: الرّبط (م. رباط) والزّوايا (م. زاوية)، حيث ذكر المقريزي - حتى عصره - اثني عشر رباطا وستّا وعشرين زاوية. وقد ذكر النّعيمي صاحب كتاب «الدّارس في تاريخ المدارس» - وهو مؤرّخ شاميّ عاش في نهاية عصر المماليك الشّراكسة - اعتمادا على رواية لكمال الدّين الدّميري - الذي عاش حتى مطلع القرن الثامن الهجري/ الرابع عشر الميلادي - أنّ العلماء «لم يتعرّضوا للفرق بين [الخانكاه] وبين الزّاوية والرّباط، وهو المكان المسبّل للأفعال الصّالحة والعبادة» (٢). وحقيقة الأمر أنّه توجد فروق جوهرية بين هذه المؤسّسات الثلاثة كما توصّلت إلى ذلك دراسات محمد محمد أمين، وليانور فرنانديز Leonor Fernandes، ودونالد ليتل Donald Little (٣). وتتلخّص هذه الفروق في:

- أنّ الخانكاه عرفت في مصر منذ عصر صلاح الدّين يوسف بن أيّوب مع إنشاء الخانكاه الصّلاحية سعيد السّعداء.

- تطوّرت الخوانك تطوّرا كبيرا في العصر المملوكي مع تطوّر سائر المؤسّسات الوقفيّة التي انتشرت في هذا العصر وأدمجت بذلك في المجتمع المملوكي.

- اعتبرت «الخوانك» مساجد وبيوت للصّوفيّة واشترط فيمن يقيم بها أن يكون متّبعا لطريقة التّصوّف. أمّا «الرّبط» فهي عبارة عن ملجأ يكون مأوى لفقراء المسلمين أو عتقاء الواقف أو الجند البطّالين ولا يكلّفون إثبات استحقاق أو زي الفقر (٤).


(١) ابن بطوطة: رحلة ابن بطوطة، تحقيق عبد الهادي التازي، الرباط ١٩٩٧، ٢٠٤: ١ - ٢٠٥.
(٢) النعيمي: الدارس في تاريخ المدارس ١٩٥: ٢.
(٣) محمد محمد أمين: الأوقاف والحياة الاجتماعية في مصر ٦٤٨ - ٩٢٣ هـ/ ١٢٥٠ - ١٥١٧ م، القاهرة ١٩٨٠، ٢٠٤ - ٢٢٤؛ Fernandes، L.، The Evolution of Sufi Institution in Mamluk Egypt: The khanqah، L ٢ Berlin ١٩٨٨; little، D.P.، «The Nature of Khanqahs، Ribats and Zawiyas under the Mamluks» in Islamic Studies Presented to Charles Adams، W.B.Hallaq and D.P.Little (eds.)، leiden ١٩٩٢، pp. ٩١ - ١٠٥.
(٤) محمد محمد أمين: المرجع السابق ٢١٩، ٢٢١.