فقال الفقيه عمارة يرّد عليه (١):
[البسيط]
أثمت يا من هجا السّادات والخلفا … وقلت ما قلته في ثلبهم سخفا
جعلتهم صدفا حلّوا بلؤلؤة … والعرف ما زال سكنى اللّؤلؤ الصّدفا
وإنّما هي دار حلّ جوهرهم … فيها وشفّ فأسناها الذي وصفا
فقال لؤلؤة عجبا ببهجتها … وكونها حوت الأشراف والشّرفا
فهم بسكنائها (a) الآيات إذ سكنوا … فيها ومن قبلها قد أسكنوا الصّحفا
والجوهر الفرد نور ليس يعرفه … من البريّة إلاّ كلّ من عرفا
لولا تجسّمهم فيه لكان على … ضعف البصائر للأبصار مختطفا
فالكلب يا كلب أسنى منك مكرمة … لأنّ فيه حفاظا دائما ووفا
فللّه درّ عمارة، لقد قام بحقّ الوفاء، ووفّى بحسن الحفاظ كما هي عادته! لا جرم أنّه قتل في حبّ (b) من يهوى كما هي سنّة المحبّين، فاللّه يرحمه ويتجاوز عنه (٢).
[منظرة الغزالة]
وكان بجوار منظرة اللّؤلؤة منظرة تعرف بالغزالة على شاطئ الخليج، تقابل حمّام ابن قرقة، وقد خربت هذه المنظرة أيضا، وموضعها الآن تجاه باب جامع ابن المغربي (٣) الذي من ناحية الخليج. وقد خربت أيضا حمّام ابن قرقة، وصار موضعها فندقا بجوار حمّام السّلطان (٤) التي هناك يعرف بفندق عماد. وموضع منظرة الغزالة اليوم ربع يعرف بربع غزالة، إلى جانب قنطرة الموسكي في الحدّ الشرقي (٥).
وكان يسكن بهذه المنظرة الأمير أبو القاسم بن المستنصر والد الحافظ لدين اللّه، ثم سكنها أبو الحسن بن أبي أسامة كاتب الدّست، وكان بعد ذلك ينزلها من يتولّى
(a) بولاق: بسكناهم والنكت العصرية: فهي بسكانها.
(b) بولاق: واجب.
(١) عمارة اليمنى: النكت العصرية ٢٩٢؛ ابن واصل: مفرج الكروب ١٨٧: ١.
(٢) المقريزي: مسودة المواعظ ٢٨٥ - ٢٨٦.
(٣) انظر فيما يلي ٣٢٨: ٢.
(٤) انظر فيما يلي ٨١: ٢.
(٥) وهو يعادل الآن المنطقة الواقعة شمال تقاطع شارع الأزهر مع شارع بورسعيد.