وموضع هذه الدّار من جملة ما كان احترق من الباطليّة في أيام الملك الظّاهر بيبرس، كما تقدّم في ذكر حارة الباطليّة عند ذكر الحارات من هذا الكتاب (١). ولمّا مات المقدّم بهادر استقرّت من بعده منزلا لأمراء الدّولة، وهي باقية على ذلك إلى يومنا هذا.
دار السّت شقرا
هذه الدّار من جملة حارة كتامة (a)، وهي اليوم بالقرب من مدرسة الوزير الصّاحب كريم الدّين ابن غنّام بجوار حمّام كراى، وهي من الدّور الجليلة. عرفت بخوند السّتّ شقرا ابنة السّلطان الملك النّاصر حسن بن محمد بن قلاوون، وتزوّجها الأمير أروس، ثم انحطّ قدرها واتّضعت في نفسها إلى أن ماتت في يوم الثلاثاء ثامن عشرين جمادى الأولى سنة إحدى وتسعين وسبع مائة (٢).
[دار ابن عنان]
هذه الدّار بخطّ الجامع الأزهر، أنشأها نور الدّين عليّ بن عنان التّاجر بقيسارية جهاركس من القاهرة، وتاجر الخاصّ الشّريف السّلطاني في أيّام الملك الأشرف شعبان بن حسين بن محمد بن قلاوون (٣).
كان ذا ثراء (b) ونعمة كثيرة ومال متّسع، فلمّا زالت دولة الأشرف انجمع (c) وداخله وهم، فأظهر فاقة، وتذكّر أنّه دفن مبلغا كبيرا من الألف مثقال ذهب في هذه الدّار، ولم يعلم به أحدا سوى زوجته أم أولاده. فاتّفق أنّه مرض وخرس، ومرضت زوجته أيضا، فمات يوم الجمعة ثامن عشر شوّال سنة تسع وثمانين وسبع مائة، وماتت زوجته أيضا. فأسف أولاده على فقد ماله، وحفروا مواضع من هذه الدّار فلم يظفروا بشيء ألبتّة، وأقامت مدّة بأيديهم وهي من وقف أبيهم، ومات ولده شمس الدّين محمد بن عليّ بن عنان يوم السبت تاسع صفر سنة ثلاث وثمان مائة، ثم باعوها سنة سبع عشرة وثمان مائة كما بيع غيرها من الأوقاف.
(a) في المسودة: يعرف خطها قديما بقصر ابن عمار من حارة كتامة. (b) بولاق: ثروة. (c) بولاق: أجمع. (١) فيما تقدم ٢١ - ٢٢. (٢) المقريزي: مسودة المواعظ ٤٣٠؛ وفيما تقدم ١١٩. (٣) نفسه ٤٢٩ - ٤٣٠.