هذا الميدان من جملة أراضي بستان الخشّاب فيما بين مدينة مصر والقاهرة. وكان موضعه قديما غامرا بماء النّيل، ثم عرف ببستان الخشّاب. فلمّا كانت سنة أربع عشرة وسبع مائة، هدم السّلطان الملك النّاصر محمد بن قلاوون الميدان الظّاهري وغرس فيه أشجارا - كما تقدّم - وأنشأ هذا الميدان من أراضي بستان الخشّاب، فإنّه كان حينئذ مطلاّ على النّيل (١).
وتجهّز في سنة ثمان عشرة وسبع مائة للرّكوب إليه، وفرّق الخيول على جميع الأمراء، واستجدّ ركوب الأوشاقيّة (a) بكوافي الزّركش على صفة الطّاسات فوق رءوسهم، وسمّاهم «الجفتاوات». فيركب منهم اثنان بثوبي حرير أطلس أصفر، وعلى رأس كلّ منهما كوفية الذّهب، وتحت كلّ واحد فرس أبيض بحلية ذهب، ويسيران معا بين يدي السّلطان في ركوبه من قلعة الجبل إلى الميدان، وفي عوده منه إلى القلعة.
وكان السّلطان إذا ركب إلى هذا الميدان للعب الكرة، يفرّق حوائص ذهب على الأمراء المقدّمين.
وركوبه إلى هذا الميدان دائما يوم السّبت، في قوّة الحرّ بعد وفاء النّيل مدّة شهرين من السّنة؛ فيفرّق في كلّ ميدان على اثنين بالنّوبة، فمنهم من تجيء نوبته بعد ثلاث سنين أو أربع سنين (٢).
وكان من مصطلح الملوك/ أن تكون تفرقة السّلطان الخيول على الأمراء في وقتين: أحدهما عندما يخرج إلى مرابط خيله في الرّبيع عند اكتمال تربيعها، وفي هذا الوقت يعطي أمراء المئين الخيول مسرجة ملجمة بكنابيش مذهّبة، ويعطي أمراء الطّبلخاناه خيلا وعربا. والوقت الثاني (b)) عند لعب السّلطان بالكرة في هذا الميدان؛ وفي هذا الوقت (b) يعطي الجميع خيولا مسرجة ملجمة بلا كنابيش بفضّة خفيفة. وليس لأمراء العشراوات حظّ في ذلك إلاّ ما يتفقّدهم به على سبيل الإنعام. ولخاصّكيّة السّلطان المقرّبين، من أمراء المئين وأمراء الطّبلخاناه،
(a) بولاق: الأوجاقية. (b-b) إضافة من مسالك الأبصار. (١) الميدان النّاصري. يدلّ على موضعه المنطقة التي تحدّ الآن من الغرب بشارع كورنيش النيل، ومن الجنوب شارع عائشة التيمورية (الوالدة باشا سابقا)، ومن الشرق شارع القصر العيني، ومن الشمال شارع رستم باشا وما في امتداده إلى النيل. (أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ٩٧: ٩ هـ ٢، ٦٩: ١٢ هـ ٢؛ وفيما تقدم ٤٩٩). (٢) ابن فضل اللّه العمري: مسالك ٣٠؛ القلقشندي: صبح ٥٥: ٤.