حاشاي أن أهجرها قاليا … حاشاي أن أحدث سلوانها
حاشاي أن أرضى بديلا بها … روابي الشّام وقيعانها
وماءها الثّجّ وحصباءها … وصخرها الصّلد وصوّانها
قد تاقت النّفس إلى إلفها … وحثّت الأشواق أظعانها
واذّكّرت في البعد أحبابها … فهيّج التّبريح أشجانها
وما لها غيرك من ملتجا … يا أوحد الدّنيا وإنسانها
وقال الرّئيس شهاب الدّين أحمد بن محيي الدين يحيى بن فضل اللّه العمريّ كاتب السّرّ:
[مجزوء الرجز]
لمصر فضل باهر … بعيشها الرّغد النّضر
في كل سفح يلتقي … ماء الحياة والخضر (a) (١)
ذكر ما قيل في مدّة بقاء القاهرة ووقت خرابها
قال العارف محيي الدّين محمد بن العربي الطّائي الحاتمي في الملحمة المنسوبة إليه (٢): قاهرة تعمر في سنة ثمان وخمسين وثلاث مائة، وتخرب سنة ثمانين وسبع مائة.
ووقفت لها على شرح لم أعرف تصنيف من هو، فإنّه لم يسمّ في النّسخة التي وقفت عليها، وهو شرح لطيف قليل الفائدة، فإنّه ترك كلام المصنّف فيما مضى على ما هو معروف في كتب التّاريخ، ولم يبيّن مراده فيما استقبل، وكانت الحاجة ماسّة إلى معرفة ما يستقبل، أكثر من المعرفة بحال ما مضى، لكن أخبرني غير واحد من الثّقات أنّه وقف لهذه الملحمة على شرح كبير في مجلدين.
قال هذا الشّارح: كانت بداية عمارة القاهرة والنّيّران في شرفهما: الشّمس في برج الحمل، والقمر في برج الثّور وهو برج ثابت، قال: فعمر القاهرة ومدّتها أربع مائة وإحدى وستون سنة.
(a) بعد ذلك على هامش آياصوفيا: بياض ورقة.
(١) انظر ابن فضل اللّه العمري: مسالك الأبصار (ممالك مصر والشام) ٩٦؛ أبا المحاسن: النجوم الزاهرة ٥٢: ١، وفيما تقدم ٦٣.
(٢) وقف ابن خلدون على هذه الملحمة المنسوبة إلى