هذه الدّار خارج باب زويلة بخطّ الموازنيين (a) من الشّارع المسلوك فيه إلى رأس المنتجبيّة (b)، بناها الأمير ألجاي النّاصريّ (c)) سيف الدّين (c) مملوك السّلطان الملك النّاصر محمد ابن قلاوون (١).
وكان من أمره أنّه ترقّى في الخدم السّلطانية حتى صار داودار (٢) السّلطان بغير إمرة، رفيقا للأمير بهاء الدّين أرسلان الدّوادار (٣). فلمّا مات بهاء الدّين، استقرّ مكانه (c)) داودارا كبيرا (c) بإمرة عشرة مدّة ثلاث سنين، ثم أعطى إمرة طبلخاناة.
وكان فقيها حنفيّا، يكتب الخطّ المليح، ونسخ بخطّه القرآن الكريم في ربعة، وكان عفيفا عن الفواحش، حليما لا يكاد يغضب، مكبّا على الاشتغال بالعلم، محبّا لاقتناء الكتب، مواظبا على مجالسة أهل العلم.
وبالغ في إتقان عمارة هذه الدّار، بحيث أنّه أنفق على بوّابتها خاصّة مائة ألف درهم فضّة، عنها يومئذ نحو الخمسة آلاف مثقال من الذّهب. فلمّا تمّ بناؤها لم يمتّع بها غير قليل، ومرض فمات في أوائل شهر رجب - وقيل في رمضان - سنة اثنتين وثلاثين وسبع مائة وهو كهل، فدفن بقرافة مصر.
فسكنتها (d) من بعده خوند عائشة خاتون - المعروفة بالقردميّة - ابنة الملك النّاصر محمد ابن قلاوون زمانا فعرفت بها. وكانت هذه المرأة ممّن يضرب بغناها وسعادتها المثل، إلاّ أنّها عمّرت طويلا، وتصرّفت في مالها تصرّفا غير مرضي، فتلف في اللّهو حتى صارت تعدّ من جملة
(a) بولاق: الموازيين. (b) بولاق والنسخ: المنجبية. (c-c) زيادة من مسودة المواعظ. (d) بولاق: فسكنها. (١) الأمير سيف الدّين ألجاي الدّودار النّاصري، المتوفى سنة ٧٣٢ هـ/ ١٣٣٢ م. (الصفدي: أعيان العصر ٥٩١: ١ - ٥٩٢، الوافي بالوفيات ٣٥٣: ٩ - ٣٥٤؛ ابن أبيك: كنز الدرر ٣٦٧: ٩؛ المقريزي: المقفى الكبير ٢٧٧: ٢ - ٢٧٨، السلوك ٣٥٤: ٢؛ ابن حجر: الدرر الكامنة ٤٣٣: ١؛ أبو المحاسن: المنهل الصافي ٣٩: ٣ - ٤٠، النجوم الزاهرة ٢٩٧: ٩). (٢) عن الدّودار انظر فيما يلي ٧٢٠. (٣) الأمير بهاء الدّين أرسلان الدّوادار، المتوفى سنة ٧١٧ هـ/ ١٣١٧ م. (الصفدي: أعيان العصر ٤٤٩: ١ - ٤٥١، الوافي بالوفيات ٣٤٦: ٨؛ المقريزي: المقفى الكبير ١٧: ٢ - ١٨؛ ابن حجر: الدرر الكامنة ٣٧٢: ١؛ أبو المحاسن: المنهل الصافي ٣٠٠: ٢ - ٣٠٢، النجوم الزاهرة ٢٤١: ٩).