قال ياقوت في كتاب «المشترك»: المنية ثلاثة وأربعون موضعا، وجميعها بمصر غير واحدة، وبمصر من القرى المسمّاة بهذا الاسم ما يقارب المائتين (١).
قال: ومنية السّيرج - ويقال لها منية الأمير، ومنية الأمراء - بليدة فيها أسواق على فرسخ من القاهرة في طريق الإسكندرية (٢).
وذكر الشّريف محمد بن أسعد الجوّاني النّسّابة، أنّ قتلى أهل الشّام الذين قتلوا في وقعة الخندق بين مروان بن الحكم وعبد الرّحمن بن جحدم أمير مصر، في سنة خمس وستين من الهجرة، دفنوا حيث موضع منية السّيرج هذه، وكانوا نحوا من الثمان مائة.
وقال ابن عبد الظّاهر: منية الأمراء من الحبس الجيوشي الشّرقي الذي كان حبسه أمير الجيوش ثم ارتجع. وفي كلّ سنة يأكل النّحر منها جانبا، ويجدّد جامعها ودورها حتى صار جامعها القديم ودورها في برّ الجيزة، وغلب البحر عليها (٣).
وهذه المنية من محاسن متنزّهات القاهرة، وكانت قد كثرت العمائر بها، واتّخذها النّاس منزل قصف ودار لعب ولهو ومغنى صبابات، وبها كان يعمل عيد الشّهيد - الذي تقدّم ذكره عند ذكر النّيل من هذا الكتاب (٤) - لقربها من ناحية شبرا، وبها سوق في كلّ يوم أحد يباع فيه البقر والغنم والغلال، وهو من أسواق مصر المشهورة، وأكثر من كان يسكن بها النّصارى (٥).
(١) ياقوت: المشترك وضعا والمفترق صقعا ٤٠٧ وفيه: المنيه بضم الميم وسكون النون وياء مفتوحة وهاء، وتجمع على منى. وأضاف أنّ كلّ واحدة منها يقال لها منية كذا». (٢) نفسه ٤٠٨، والنص عند ياقوت: «ومنية الشيرج بلدة كبيرة ذات سوق على ميلين من القاهرة على شطّ النيل بين القاهرة وقليوب»، وكذلك معجم البلدان ٢١٨: ٥. (٣) ابن عبد الظاهر: الروضة البهية ١٢٨، وبعد ذلك في المسودة ١٤٤ ظ: قال (أي ابن عبد الظاهر): هي الآن في البرّ الشّرقي، وكانت قد بلغت الغاية في العمارة وصار النّاس يخرجون إليها أيّام الرّبيع في كلّ يوم أحد، وهو يوم يقام فيه بها سوق عظيم ترد إليه جماهير النّاس من القرى ومن القاهرة لشراء البقر والغنم والحمير والدّجاج والكتّان، وغير ذلك. ثم اختلّت أحوالها وخرب أكثر ما كان فيها من المساكن وكان كثيرا من سكّانها وسكّان ناحية شبرا المجاورة لها النّصارى. وكان أهل اللّذّات تقصد هاتين القريتين لشراء الخمر، فقد كان يعصر بهما منه في كلّ سنة عشرات آلاف من الجرار. (٤) فيما تقدم ١٨٣: ١ - ١٨٥. (٥) منية الأمراء، هي الموضع المعروف الآن بمنية السيرج من الضّواحي التابعة لقسم شبرا شمال القاهرة. (محمد رمزي: «الجغرافية التاريخية لمدينة القاهرة - شبرا وروض الفرج»، ٣٣٤، القاموس الجغرافي للبلاد المصرية ق ٢ ج ١: ١٤ - ١٥).