للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانت العادة ألاّ يحضر كتّاب الإنشاء الدّيوان يوم الجمعة. فعرض للملك الصّالح في بعض أيّام الجمع شغل مهمّ، فطلب بعض الموقّعين فلم يجد منهم أحدا، فقيل له إنّهم لا يحضرون يوم الجمعة، فقال: استخدموا في الدّيوان كاتبا نصرانيّا يقعد يوم الجمعة لمهمّ يطرأ، فاستخدم الأمجد بن العسّال كاتب الدّرج لهذا المعنى.

[نظر الجيش]

قد تقدّم أنّه كان يجلس بالقلعة دواوين الجيش في أيّام الموكب، وتقدّم في ذكر الإقطاعات وذكر النّيابة ما يدلّ على حال متولّي نظر الجيش. ولابد مع ناظر الجيش أن يكون من المستوفين من يضبط كلّيّات المملكة وجزئياتها في الإقطاعات (a) (١).

نظر الخاصّ

هذه الوظيفة - وإن كان لها ذكر قديم من عهد الخلفاء الفاطميين (٢) - فإنّ متولّيها لم يبلغ من جلالة القدر ما بلغ إليه في الدّولة التّركيّة. وذلك أنّ الملك النّاصر محمد بن قلاوون لمّا أبطل الوزارة، وأقام القاضي كريم الدّين الكبير في وظيفة نظر الخاصّ، صار متحّدثا فيما هو خاصّ بمال السّلطان يتحدّث في مجموع الأمر الخاصّ بنفسه، وفي القيام بأخذ رأيه فيه؛ فبقي تحدّثه فيه وبسببه كأنّه هو الوزير لقربه من السّلطان وزيادة تصرّفه (٣).

وإلى ناظر الخاصّ التّحدّث في الخزانة السّلطانية، وكانت بقلعة الجبل، وكانت كبيرة الوضع لأنّها مستودع أموال المملكة. وكان «نظر الخزانة» منصبا جليلا إلى أن استحدثت وظيفة «نظر الخاصّ»، فضعف أمر «نظر الخزانة» وأمر الخزانة أيضا، وصارت تسمّى ب «الخزانة الكبرى»، وهو اسم أكبر من مسمّاه، ولم يبق بها إلاّ خلع تخلع منها أو ما يحضر إليها ويصرف أوّلا فأوّلا،


(a) في هامش آياصوفيا: بياض سبعة أسطر.
(١) فيما تقدم ٦٩٩ - ٧٠٠.
(٢) انظر أيمن فؤاد: الدولة الفاطمية في مصر ٣٥٥.
(٣) ابن فضل اللّه العمري: مسالك الأبصار ٥٤ - ٥٥؛ القلقشندي: صبح الأعشى ٣١٦: ١١؛ السيوطي: حسن المحاضرة ١٣٠: ٢ - ١٣١.