للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للنّتاج، وأعدّ لها سوّاسا وأمير آخورية وسائر ما يحتاج إليه. وبنى فيه أماكن، ولازم الدّخول إليه في ممرّه إلى الميدان الذي أنشأه على النّيل بموردة الملح.

فلمّا كان بعد أيّام وأشهر، حسن في نفسه أن يبني تجاه هذا الميدان - على النّيل الأعظم بجوار جامع الطّيبرسي - زربيّة، ويبرز بالمناظر التي ينشئها في الميدان إلى قريب البحر (١). فنزل بنفسه، وتحدّث في ذلك، فكثّر المهندسون المصروف في عينه، وصعّبوا الأمر من جهة قلّة الطّين هناك.

وكان قد أدركه السّفر للصّيد (a) فترك ذلك (b) (٢).

وما برحت الخيول في هذا الميدان إلى أن مات الملك الظّاهر برقوق في سنة إحدى وثمان مائة.

واستمرّت بعده في أيّام ابنه الملك النّاصر فرج، إلاّ أنّه تلاشى أمره عمّا كان قبل ذلك، ثم انقطعت منه الخيول وصار براحا خاليا.

[ميدان سرياقوس]

هذا الميدان كان شرقي ناحية سرياقوس بالقرب من الخانكاه. أنشأه الملك النّاصر محمد بن قلاوون في ذي الحجّة سنة ثلاث وعشرين وسبع مائة، وبنى فيه قصورا جليلة وعدّة منازل للأمراء (٣)، وغرس فيه بستانا كبيرا نقل إليه من دمشق سائر الأشجار التي تحمل الفواكه، وأحضر معها خولة بلاد الشّام حتى غرسوها وطعّموا الأشجار. فأفلح فيه الكرم والسّفرجل وسائر الفواكه.

فلمّا كمل في سنة خمس وعشرين، خرج ومعه الأمراء والأعيان، ونزل القصور التي هناك، ونزل الأمراء والأعيان على منازلهم في الأماكن التي بنيت لهم (٤). واستمرّ يتوجّه إليه في كلّ سنة، ويقيم به الأيّام، ويلعب فيه بالكرة إلى أن مات. فعمل ذلك أولاده الذين ملكوا من بعده.


(a) بولاق: للصعيد.
(b) مسودة الخطط: وما ذكر ذلك.
(١) فيما تقدم ٤٣٥ - ٤٣٦.
(٢) المقريزي: مسودة الخطط ١٦٢ ظ.
(٣) كانت قصور سرياقوس تقع في الجهة الغربية من الميدان، أي أنّها كانت في الجهة الغربية من المنطقة القائمة على أرضها الآن مساكن بلدة الخانكة إحدى بلاد مركز شبين القناطر بمحافظة القليوبية. (أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ٨٠: ٩ هـ ٢). وكتب شافع بن علي، المتوفى سنة ٧٣٠ هـ/ ١٣٣٠ م، كتاب «الإعراب عمّا اشتمل عليه البناء الملكي النّاصري بسرياقوس من الإغراب»، يصف فيه قصور سرياقوس (الصفدي: الوافي بالوفيات ٨٠: ١٦).
(٤) المقريزي: السلوك ٢٥١: ٢، ٢٦١.