الذي حاول السّلطان نقضه فلم يوافق المناوي. والجامع الآن متهدّم، وسقوفه كلّها ما من زمن إلاّ ويسقط منها الشّيء بعد الشّيء فلا يعاد.
وكانت ميضأة هذا الجامع صغيرة بجوار ميضأته الآن فيما بينها وبين باب الجامع، وموضعها الآن مخزن تعلوه طبقة عمّرها شخص من الباعة يعرف بابن كرسون المراحلي وهذه الميضأة الموجودة الآن أحدثت، وأنشأ الفسقيّة التي فيها ابن كرسون في أعوام بضع وثمانين وسبع مائة، وبيّض مئذنتي الجامع. واستجدّ المئذنة التي بأعلى الباب المجاور للمنبر رجل من الباعة، وكملت في جمادى الآخرة سنة سبع وعشرين وثمان مائة، وخرق سقف الجامع حتى صار المؤذّنون ينزلون من السّطح إلى الدّكّة التي يكبّرون فوقها وراء الإمام.
[هيئة صلاة الجمعة]
في أيّام الخلفاء الفاطميين. قال المسبّحيّ: وفي يوم الجمعة غرّة رمضان سنة ثمانين وثلاث مائة، ركب العزيز باللّه إلى جامع القاهرة بالمظلّة المذهّبة، وبين يديه نحو خمسة آلاف ماش (a)، وبيده القضيب وعليه الطّيلسان والسّيف، فخطب وصلّى صلاة الجمعة، وانصرف فأخذ رقاع المتظلّمين بيده، وقرأ منها عدّة في الطّريق؛ وكان يوما عظيما ذكرته الشّعراء (١).
قال ابن الطّوير: إذا انقضى ركوب أوّل شهر رمضان استراح/ في أوّل جمعة، فإذا كانت الثّانية ركب الخليفة إلى الجامع الأنور الكبير، في هيئة المواسم، بالمظلّة وما تقدّم ذكره من الآلات، ولباسه فيه ثياب الحرير البيض، توقيرا للصّلاة من الذّهب والمنديل والطّيلسان المقوّر الشّعريين (٢). فيدخل من باب الخطابة والوزير معه، بعد أن يتقدّمه في أوائل النّهار صاحب بيت المال - وهو المقدّم ذكره في الأستاذين - وبين يديه الفرش المختصة بالخليفة إذا صار إليه في هذا اليوم، وهو محمول بأيدي الفرّاشين المميّزين، وهو ملفوف في العراضي الدّبيقي (b). فيفرش في المحراب ثلاث طرّاحات، إمّا سامان أو دبيقي أبيض أحسن ما يكون من صنفهما، كلّ منهما منقوش بالحمرة. فتجعل الطّرّاحات متطابقات، ويعلّق ستران يمنة ويسرة، وفي السّتر الأيمن
(a) المسوّدة: مثناة. (b) بولاق: الدبيقية. (١) المسبحي: نصوص ضائعة ١٣؛ المقريزي: اتعاظ ٢٦٧: ٢، مسودة الخطط ١٢٤ و، والعنوان فيه: «ذكر هيئة صلاة الجمعة أيّام الخلفاء». (٢) حاشية بخط المؤلّف: «الطّيلسان المقوّر يعرف اليوم بالطّرحة».