ويباع فيه دولات (a) اللّجم ونحوها ممّا يتّخذ من الجلد. وفي هذا السّوق أيضا عدّة وافرة من الطّلائيين، وصنّاع الكفت برسم اللّجم والركب والمهاميز ونحو ذلك، وعدّة من صنّاع مياثر (b) السّروج وقرابيسها (١).
وأدركت السّروج تعمل ملوّنة ما بين أصفر وأزرق، ومنها ما يعمل من الدّبل، ومنها ما يعمل سودا (c) من الجلد البلغاري الأسود، ويركب بهذه السّروج السّود القضاة ومشايخ العلم، اقتداء بعادة بني العبّاس في استعمال السّواد، على ما جدّده بديار مصر السّلطان صلاح الدّين يوسف ابن أيّوب بعد زوال الدّولة الفاطميّة.
وأدركت السّروج التي يركب بها الأجناد والكتّاب يعمل للسّرج في قربوسه ستّة أطواق من فضّة ثقيلة (d) مطليّة بالذّهب ومعقربات من فضّة، ولا يكاد أحد يركب فرسا بسرج ساذج إلاّ أن يكون من القضاة ومشايخ العلم وأهل الورع.
فلمّا تسلطن الملك الظّاهر برقوق، اتّخذ سائر الأجناد السّروج المغرق (e)، وهى التي جميع قرابيسها من ذهب أو فضّة إمّا مطليّة أو ساذجة، وكثر عمل ذلك حتى لم يبق من العسكر فارس
(a) بولاق: آلات. (b) بولاق: مياتر. (c) بولاق: سيورا. (d) بولاق: مقبلة. (e) بولاق: المغرقة. (١) لم يرد شرح في المصادر لجميع الآلات المذكورة في هذه الفقرة، وما نعرف شرحه منها هي: الكفت (فيما يلي ٣٤٧)، الرّكب أو الرّكاب: ما تجعل فيه الرّجل عند الرّكوب، وكانت العرب تعتاده من الجلد أو الخشب، ثم عدل عن ذلك إلى الحديد، وأوّل من اتّخذه من الحديد المهلّب بن أبي صفرة (صبح الأعشى ١٣٦: ٢)، والميثرة ج. مياثر، وهي ما يوضع فوق السّرج بينه وبين الفارس (أفادني به أخي العارف حقّ المعرفة بفنون الفروسية الدكتور شهاب الصّرّاف)؛ والسّرج هو ما يقعد فيه الرّاكب على ظهر الفرس، وأشكال قوالبه مختلفة، ومنه ما يكون مغشّى بالذّهب (وهو ممّا يصلح للملوك)، ومنها ما يكون مغشّى بالفضّة البيضاء، وكلّ منها قد يكون منقوشا وقد يكون غير منقوش، ومنها ما يكون بأطراف فضّة، ومنها ما يكون ساذجا. واللّجام هو الذي يكون في فكّ الفرس يمنعه من الجماح، وقوالبه أيضا مختلفة، منها ما يكون مطليّا بالذّهب، ومنها ما يكون مطليّا بالفضة، ومنها ما يكون ساذجا، ومنها ما يكون رأسه وجنباه محلاوين بالفضة، ومنها ما يكون غير محلّى (صبح الأعشى ١٣٥: ٢)؛ وفيما يلي ١٨: ٣٢٧ (السّروج الأشرفية)؛ والقربوس ج. قرابيس: الخشبة الصغيرة القائمة في مقدّم السّرج. Dozy، R.،) (op.cit.، II، p. ٣٢٤.