وكان هذا السّوق في موسم شهر رجب من أحسن الأشياء منظرا، فإنّه كان يصنع فيه من السّكّر أمثال خيول وسباع وقطاط وغيرها تسمّى «العلاليق» - واحدها علاّقة - ترفع بخيوط على الحوانيت، فمنها ما يزن عشرة أرطال إلى ربع رطل، تشترى للأطفال. فلا يبقى جليل ولا حقير حتى يبتاع منها لأهله وأولاده، وتمتلئ أسواق البلدين مصر والقاهرة وأريافهما من هذا الصّنف، وكذلك يعمل في موسم نصف شعبان. وقد بقي من ذلك إلى اليوم بقيّة غير طائلة.
وكذلك كانت تروق رؤية هذا السّوق في موسم عيد الفطر، لكثرة ما يوضع فيه من حبّ الخشكنانج وقطع البسندود والمشاش. ويشرع في عمل ذلك من نصف شهر رمضان، فتملأ منه أسواق القاهرة ومصر والأرياف، ولم ير في موسم سنة سبع عشرة وثمان مائة من ذلك شيء بالأسواق ألبتّة، فسبحان محيل الأحوال لا إله إلاّ هو.
سوق الشّوّائين
هذا السّوق أوّل سوق وضع بالقاهرة، وكان يعرف بسوق السّرّاجين (a)، وهو من باب حارة الرّوم إلى سوق الحلاويين (b) (١). وما زال يعرف بسوق السّرّاجين (a) إلى أن سكن فيه عدّة من بيّاعي الشّواء في حدود السبع مائة من سني الهجرة، فزالت عنه النّسبة إلى السّرّاجين (a) وعرف بالشّوّائين، وهو الآن سكن المتعيّشين. وانتقل سوق السّرّاجين (a) في زماننا إلى خارج باب زويلة (c)) بحضرة الدّرب الأحمر (c)، وعرف بالبسطيّين كما سيأتي ذكره إن شاء اللّه (٢).
(a) بولاق: الشرائحيين. (b) نص المسودة: قال المؤلف: الذي يغلب على ظنّي أن أوّل سوق حدث بالقاهرة سوق السراجين هذا، وهو المعروف في عصرنا بسوق الشّوّائين، وهو على قصبة القاهرة من باب حارة الروم وإلى سوق الحلوانيين على رأس سوق الغزل من قيسارية الشّرب. (c-c) إضافة من مسودة الخطط. (١) في مسودة الخطط ٣٩ وذكره باسم: سوق السّرّاجين المعروف اليوم بالشّوّائين. وانظر فيما يلي ٢٩٣: ٢. كان هذا السّوق يقع في المنطقة التي تمتدّ الآن من سبيل العقّادين عند مدخل حارة الروم جنوبا إلى مدخل حارة خشقدم شمالا على اليمين، ومدخل حارة الفحّامين على اليسار، وهو أحد أقسام شارع المعز لدين اللّه الذي كان يعرف إلى سنة ١٩٣٧ بشارع العقّادين. (أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ٦٣: ٩ - ٦٤ هـ ٤). (٢) فيما يلي ١٥: ٣٦٧، ٤٥٢.