وكان تجاه القصر الكبير الشّرقي - الذي تقدّم ذكره - في غربيه، قصر آخر صغير يعرف ب «القصر الغربي»(١). ومكانه الآن حيث المارستان المنصوري وما في صفّه من المدارس، ودار الأمير بيسري، وباب قبو الخرنشف، وربع الملك الكامل المطلّ على سوق الدّجّاجين اليوم - المعروف قديما بالتّبّانين - وما يجاوره من الدّرب المعروف اليوم بدرب الخضيري تجاه الجامع الأقمر، وما وراء هذه الأماكن إلى الخليج (٢).
وكان هذا القصر الغربي يعرف أيضا ب «قصر البحر»، والذي بناه العزيز باللّه نزار بن المعزّ قال المسبّحيّ: ولم يبن مثله في شرق ولا في غرب (٣).
وقال ابن أبي طيّ في «تاريخ حلب» (a): أخبار سنة سبع وخمسين وأربع مائة: ففيها تمّم الخليفة المستنصر (b) بناء القصر الغربي وسكنه، وغرم عليه ألفي ألف دينار، وكان ابتداء بنيانه في سنة خمسين وأربع مائة. وكان سبب بنائه أنّه عزم (c) على أن يجعله منزلا للخليفة القائم بأمر اللّه صاحب بغداد، ويجمع بني العبّاس إليه، ويجعله كالمجلس لهم. فخانه أمله، وتمّمه في هذه السنة، وجعله لنفسه وسكنه (٤).
وقال ابن ميسّر: إنّ ستّ الملك أخت الحاكم كانت أكبر من أخيها الحاكم، وإنّ والدها العزيز باللّه كان قد أفردها بسكنى القصر الغربي، وجعل لها طائفة برسمها كانوا يسمون ب «القصريّة»(٥).
وهذا يدلّك على أنّ القصر الغربي كان قد بني قبل المستنصر وهو الصّحيح، وكان هذا القصر يشتمل أيضا على عدّة أماكن.
(a) زيادة من المسودة. (b) المسودة: صاحب مصر. (c) المسودة: عوّل. (١) عن القصر الفاطمي الغربي الصغير انظر Fu'?d Sayyid، A.، La capitale de L'Egypte، pp. ٣٠٠ - ٢٢. (٢) المقريزي: مسودة المواعظ ٥٢، ١٢٧، وفيما تقدم ٦: ٢٤٧. (٣) المسبحي: نصوص ضائعة ١٧، وقارن: ابن خلكان: وفيات الأعيان ٣٧٢: ٥؛ أبا المحاسن: النجوم الزاهرة ١١٣: ٤. (٤) المقريزي: مسودة المواعظ ١٢٨. (٥) نفسه، ١٢٧، وحدد أنه ذكر ذلك في ترجمة ستّ الملك، وقارن مع ابن ميسر: أخبار ١٧٣.